طرابلس فأتفق رأيهم على تولية أبي الخطاب المعافري ويظهرون إن اجتماعهم بسبب ارض أرادوا قسمتها وقيل بسبب رجل وأمرأته اختصما فاتعدوا ليوم معلوم يجتمعون فيه ويأتي كل واحد بمن خلفه من أتباعه ويجعلون عدتهم في غرائر مملؤة تبنا فاخرجوا أبا الخطاب معهم فتكلم بعضهم فقال امضوا الامر الذي عزمتم عليه فقامت طائفة يتناجون وكل ذلك لاعلم لابي الخطاب بشئ فلما رجعوا من المناجاة قالوا لابي الخطاب ابسط يدك نبايعك على أن تحكم بيننا بكتاب الله وسنة نبيه عليه السلام واثار الصالحين من بعده فقال لهم ليس لهذا اخرجتموني قالوا لابد من ذلك فلما راى الجد والحقيقة منهم قال لا أقبل منكم الا على شرط الا تذكر في عسكري مسئلة الحارث وعبد الجبار فأعطوه ذلك الشرط ومسئلة الحارث وعبد الجبار هي أن يقتتل رجلان من أهل الولاية فيقتل كل واحد صاحبه ولايدري الظالم والباغي من المبغا عليه فبعضهم قالوا هما على ولايتهما حتى يتبين امرهما وبعضهم قال نقف وكان عبد الجبار والحارث قاما عام احد أو اثنين وثلاثين بناحية طرابلس على عامل مروان بن محمد احدهما امام والآخر وزيره أو قاضيه اخوان لأم أو ابنا خالة فوجدوهما ميتين في بيت واحد وسلاح كل واحد في صاحبه فاختلفوا في ولايتهم فبلغت مسئلتهما أهل المشرق فاختلفوا كما اختلف أهل المغرب فكتب أبو عبيده وحاجب بالكف عن ذكرهما فاراد أبو الخطاب قطع مادة الخلاف وقد كان الحارث وعبد الجبار خرج اليهما عامل طرابلس فقتلوه فلما بايعوا أبا الخطاب على الإقامة بحق الله والعمل بما في كتابه والإقتداء بسنة نبيه وأتباع الأئمة المهتدين قبله فقبل ذلك ودخل مدينة طرابلس ومعه جماعة المسلمين على حين غفلة من أهلها وذلك عام أربعين ومائة وادخلوا الرجال في الجواليق في هيئة الرفقة فلما توسطوا المدينة أشهروا السلاح وقالوا لا حكم الا لله وقصدوا عامل أبي جعفر المنصور بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس فخيره أبو الخطاب بين الخروج بالأمان والقعود على أن ينتزع من الولاية فأختار الخروج نحو المشرق وأمنوا أهل المدينة وأحسن أبو الخطاب السيرة وأظهر العدل والتواضع فسلكت عماله ورعيته مسلكه وتولت ورفجومة القيروان وهم بطن من البربر وسبب توليتهم القيروان انه لما قتل حبيب بن عبد الرحمن عمه إلياس في أبيه وكان عبد الرحمن عامل بني أمية وأقره المنصور ثم خلع المنصور ثم قتله أخوه إلياس غدرا بليل أراد أن يوادعه فقتل إلياس حبيب في حرب بينهما وفر عبد الوارث من ابن اخيه حبيب ومن فل من جيش إلياس إلى ورفجومة فبعث حبيب بن عبد الرحمن إلى عاصم بن جميل الورفجومي يرسل اليه عمه عبد الوارث ومن معه فأمتنع فزحف اليه حبيب فأقتتلوا وهزم حبيب فزحف عاصم وأخوه مكرم إلى القيروان فدخلوها بعد حرب وفر حبيب إلى قابس ثم إلى جبل اوراس فاستحكمت ورفجومة على القيروان وعتوا وطغوا وجاروا وساموا الناس سوء العذاب
صفحه ۱۲۶