إن علماء السنة في الهند واليمن قد بلغهم كل ما قيل في هذا الرجل فبحثوا وتثبتوا وتبينوا كما أمر الله تعالى، فظهر لهم أن الطاعنين فيه مفترون لا أمانة لهم، وأثنى عليه فحولهم في عصره وبعد عصره، وعدُّوه من أئمة المصلحين المجدّدين للإسلام، ومن فقهاء الحديث كما نراه في كتبهم، ولا تتسع هذه المقدمة لنقل شيء من ذلك، وإنما هي تمهيد للتعريف بهذا الكتاب في الرد عليه.
كتاب (صيانة الإنسان ومؤلفه)
كان الشيخ محمد بشير السهسواني رحمه الله تعالى من فحول علماء الهند وكبار رجال الحديث فيهم، ومن النظار الجامعين بين العلوم الشرعية والعقلية مع العمل بالعلم والتقوى والصلاح، وهو قد اجتمع بالشيخ أحمد دحلان في مكة المكرمة، وناظره في التوحيد الذي هو أساس دعوة الوهابية وأقام عليه الحجة، ولما عاد إلى الهند ألف كتابه هذا، ولكنه طبع في عهده منسوبًا إلى العلامة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الرحيم السندي كما حصل في كتاب (بذل المجهود)، والعلماء كثيرًا ما يفعلون هذا في عصورهم، وهذا كتاب (نيل الأماني في الرد على النبهاني) هو من تأليف علامة العراق السيد محمود شكري الألوسي رحمه الله تعالى وعزى إلى الشيخ أبي المعالي الشافعي السلامي.
جرى الشيخ في رده على منهاج المحدّثين في التثبيت في النقل بتحرير الروايات وعزو الأحاديث والأخبار إلى مخرجيها، وبيان علل أسانيدها، وتحكيم قواعد الجرح والتعديل في رجالها، بنقل ما قاله كبار المصنفين في نقد الرجال في أشهر كتبهم، فاضطر إلى التكرار الممل فيها، ولعل سببه اتقاء تهمة كتمان بعض ما قيل في جرح المجروح منهم، كما يفعله أولو العصبيات المذهبية في محاولة تضعيف ما يخالف مذاهبهم وتقوية ما يؤيدها، وقد فضح بهذا جهل دحلان بعلم الحديث وأثبت أنه غير ثقة ولا صادق في النقل.
وجرى في تفنيد مطاعنه على طريقة الاستقلال الاجتهادي في الاستدلال وتحرير ما هو من دين الإسلام وما ليس منه، والاعتماد فيما هو سنة وما هو بدعة على نصوص الكتاب المعصوم، والسنن الصحيحة المأثورة، وما كان عليه أهل الصدر الأول من الصحابة والتابعين، وأئمة الأمصار المجتهدين، في مقابلة احتجاج دحلان
1 / 10