صیانت انسان
صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان
ناشر
المطبعة السلفية
شماره نسخه
الثالثة
محل انتشار
ومكتبتها
ژانرها
عقاید و مذاهب
على التوحيد، وأن ذلك مما يؤدي إلى الشرك، فهو تخيل باطل.
أقول: لعل المراد ببعض المحرومين شيخ الإسلام ابن تيميه ﵀ وأتباعه، ولكن لم أجد بعد١ ذلك التخيل في كلام الشيخ المذكور ولا في كلام أحد من أتباعه، بل قد وجد في غير ما موضع من كلامه ما يدل صراحة على مشروعية زيارة قبر النبي ﷺ، وقد تقدم نقل بعض عباراته في هذا الباب فتذكر، فعل هذا افتراء على الشيخ ﵀، نعم قد منع شيخ الإسلام الإفراط في تعظيم قبره ﷺ معللًا بالعلة المذكورة، وعليه اعترض السبكي في شفاء الأسقام حيث قال: فإن قلت: الفرق أيضًا أن غيره لا يخشى فيه محذور، وقبره ﷺ يخشى الإفراط في تعظيمه أن يعبد. قلت: هذا كلام تقشعر منه الجلود، ولولا خشية اغترار الجهال به لما ذكرته، فإن فيه تركًا لما دلت عليه الأدلة الشرعية بالآراء الفاسدة الخيالية، وكيف يقدم على تخصيص قوله ﷺ "زوروا القبور" وعلى ترك قوله "من زار قبري وجبت له شفاعتي" وعلى مخالفة إجماع السلف والخلف بمثل هذا الخيال الذي لم يشهد به كتاب ولا سنة، وهذا بخلاف النهي عن اتخاذه مسجدًا وكون الصحابة احترزوا عن ذلك للمعنى المذكور، لأن ذلك قد ورد النهي فيه وليس لنا أن نشرع أحكامًا من قبلنا ﴿أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ﴾ فمن منع زيارة قبر النبي ﷺ فقد شرع في الدين ما لم يأذن به الله، وقوله مردود عليه، ولو فتحنا هذا الخيال الفاسد لتركنا كثيرًا من السنن بل ومن الواجبات، والقرآن كله والإجماع المعلوم من الدين بالضرورة وسير الصحابة والتابعين وجميع علماء المسلمين والسلف والصالحين على وجوب تعظيم النبي ﷺ والمبالغة في ذلك، ومن تأمل القرآن العزيز وما تضمنه من التصريح والإيماء إلى وجوب المبالغة في تعظيمه وتوقيره والأدب معه وما كانت الصحابة يعاملونه به من ذلك امتلأ قلبه إيمانًا واحتقر هذا الخيال الفاسد واستنكف
_________
١ لعل كلمة "بعد": هنا من سبق القلم أو غلط الطبع، لأنها تدل على أنه يتوقع أن يجد ذلك بعد الآن، وكيف وقد وجد ما يخالفه؟ وهو ما ذكره بعده من تصريح شيخ الإسلام بأن زيارة قبره ﷺ قربة، وهو ما تقدم في أول الكتاب.
1 / 74