عن إفادة المرام، كما بين ذلك كله الإمام أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عبد الهادي في (الصارم المنكى)، وليس فيها من الآيات والأحاديث الصحاح والحسان ما يدل على المطلوب المحكي، وكان حقًا على المؤلف تعاطي واحد مما يذكر، لئلا يعد كلامه مما يهجر وينكر: إما إيراده لأحاديث صحيحة أو حسن دالة على المطلوب غير ما أورده في الشفاء١، أو الإجابة عما تكلم به عليها صاحب الصارم وغيره من الأئمة الأذكياء. وإذ لم يفعل هذا ولا ذاك فليس لها فائدة، ولا يؤول هذا الطول إلى منفعة وعائدة.
ومن عجائب صنيعه أن المؤلف مع زعمه أنه من جملة المقلدين، يستدل بالأدلة الشرعية وهو منصب المجتهدين، فعنَّ لي أن أنبه على ما وقع فيه من مساوئ المفاهيم وزخارف الأقوال، وأراجيف الاستدلال، لئلا يغتر بها من يقف عليها ممن لا خبرة له بحقائق علم السنة من المتون والرجال، فالله أستعين وأقول، وبه أحول وبه أصول.
قوله: "اعلم رحمك الله تعالى أن زيارة قبر نبينا ﷺ مشروعة".
أقول: لا نزاع لنا في نفس مشروعية زيارة قبر نبينا ﷺ، وأما ما نسب إلى شيخ الإسلام ابن تيميه ﵀ من القول بعدم مشروعية زيارة قبر نبينا ﷺ فافتراء بحت٢، قال الإمام العلامة أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عبد الهادي المقدسي الحنبلي في (الصارم المنكى): وليعلم قبل الشروع في الكلام مع هذا المعترض أن شيخ الإسلام ﵀ لم يحرم زيارة القبور على الوجه المشروع في شيء من كتبه، ولم ينه عنها، ولم يكرهها، بل استحبها وحض عليها، ومصنفاته ومناسكه طافحة بذكر استحباب زيارة قبر النبي ﷺ وسائر القبور، قال ﵀ في بعض مناسكه:
_________
١ يعني شفاء الأسقام الذي مر ذكره آنفًا.
٢ كما علم ذلك يقينًا كل من اطلع على كتابيه (الجواب الباهر) و(الرد على الأخنائي) .
1 / 21