156

صیانت انسان

صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان

ناشر

المطبعة السلفية

شماره نسخه

الثالثة

محل انتشار

ومكتبتها

الآيتين مصرحتان بأنه ليس لرسول الله ﷺ من أمر الله شيء وأنه لا يملك لنفسه نفعًا ولا ضرًا فكيف يملك لغيره، وليس فيها منع التوسل به أو بغيره من الأنبياء والأولياء أو العلماء، وقد جعل الله لرسوله ﷺ المقام المحمود، مقام الشفاعة العظمى، وأرشد الخلق إلى أن يسألوه ذلك١ ويطلبوه منه، وقال له "سل تعطه واشفع تشفع" وقيد ذلك في كتابه العزيز بأن الشفاعة لا تكون إلا بإذنه، ولا تكون إلا لمن ارتضى، ولعله يأتي تحقيق هذا المقام إن شاء الله تعالى. "وهكذا الاستدلال على منع التوسل بقوله ﷺ لما نزل قوله تعالى: ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ﴾: "يا فلان ابن فلان لا أملك لك من الله شيئًا، يا فلانة بنت فلان لا أملك لك من الله شيئًا". فإن هذا ليس فيه إلا التصريح بأنه ﷺ لا يستطيع نفع من أراد الله تعالى ضره، ولا ضر من أراد الله نفعه، وأنه لا يملك لأحد من قرابته فضلًا عن غيرهم شيئًا من الله، وهذا معلوم لكل مسلم، وليس فيه أنه لا يتوسل به إلى الله، فإن ذلك هو طلب الأمر ممن له الأمر والنهي، وإنما أراد الطالب أن يقدم بين يدي طلبته ما يكون سببًا للإجابة ممن هو المتفرد بالعطاء والمنع وهو مالك يوم الدين. "وإذا عرفت هذا فاعلم أن الرزية كل الرزية، والبلية كل البلية، أمر غير ما ذكرنا من التوسل المجرد والتشفع بمن له الشفاعة، وذلك ما صار يعتقده كثير من العوام وبعض الخواص في أهل القبور، وفي المعروفين بالصلاح من الأحياء من

١ نعم، إن الله تعالى يلهم الخلائق يوم القيامة أن يطلبوا الشفاعة من أنبياء الله تعالى في فصل القضاء، ولكن الله تعالى لم يأمرهم في كتابه بأن يقصدوا قبور الأنبياء والأولياء والعلماء ليسألوهم عندها قضاء حوائج الدنيا ولا الآخرة، ولم يشرع لهم أن هذا عبادة، ولا أنه سبب لقضاء الحوائج ولا لمغفرة الذنوب وسعادة الآخرة، وإنما شرع لهم أن يطلبوا الرزق وشفاء الأمراض ونحو ذلك من أسبابها المعروفة بالاختبار والتجارب، وسعادة الآخرة بالإيمان والعمل مصالح والتوبة من الذنوب، وأن لا يدعوا غير الله تعالى فيما وراء الأسباب التي أقدر الله عليها الناس وأمرهم بالتعاون عليها في دائرة الشرع، وهو ينكر هذا أشد الإنكار كما يأتي قريبًا. وكتبه محمد رشيد.

1 / 157