كان الشيخ بشير على جانب عظيم من الورع والتقوى والعبادة وقيام الليل، وكان يغلب عليه في وعظه رقة القلب والخشية حتى تدمع عيناه.
وفي ٥ المحرم سنة ١٢٩٥ استدعاه النواب صديق حسن خان بهادر من (آكره) إلى (بهوبال) وفوض إليه رياسة المدارس الدينية في إمارة بهوبال، فكان يتبرع بتدريس التفسير والحديث، وكان يجيب عن المسائل ويكتب الفتاوى بطريق الاجتهاد، وفي كل جمعة يجلس لدرس الوعظ في جامع القاضي ويصرح برأيه ولو خالف الحكومة بلا مبالاة، ويقيم حجته على المخالفين تقريرًا وتحريرًا مع التواضع وحسن الخلق.
وكان يخالط أحبابه بلا تكلف ولا احتشام، وكان ديدنه إكرام الضيوف وإمداد الغرباء بلا رياء ولا عجب ولا سمعة، وكان نصب عينيه اتباع آداب الكتاب والسنة، حتى كان يثقل على طبعه ترك المستحبات، وقد أقر له أهل الهند كافة بقوة الاجتهاد والفضيلة العلمية واعترفوا له بها.
تناظر الشيخ أحمد دحلان مفتي مكة في زمانه١، والشيخ بشير في مسألة التوحيد، فكتب الشيخ ردًا عليه كتابه المسمى (صيانة الإنسان، عن وسوسة الشيخ دحلان)، واشتهر الكتاب وطبعه علماء نجد ولم يرد عليه أحد من المخالفين.
ولما حصل النزاع بين النوّاب صديق حسن خان والشيخ عبد الحي اللكنوي وكتبت كتب من الطرفين وقع في نفس الشيخ عبد الحي أن بعض رسائل الرد من تصنيف الشيخ، وصرح بذلك في كتابه (إبراز الغي)، فسعى الشيخ لدفع هذا الوهم عن فكر الشيخ عبد الحي وتصالحا بعد هذا.
ولما توفي النواب ﵀ في جمادى الأولى سنة ١٣٠٧هـ أراد الشيخ مفارقة بهوبال ولكن بيكم بهوبال٢ تعلقت به وعطفت عليه واستبقته، فكان يذهب في كل يوم
_________
١ لعل المناظرة كانت لما حج واجتمع بدحلان بمكة فناظره شفويًا، ثم لما رجع رد عليه بكتابه (صيانة الإنسان) .
٢ هي زوجة النواب صديق حسن خان أمير بهوبال الشهيرة، و(بيكم) مؤنث بك، كما أن (خانم) وتنطق في مصر (هانم) مؤنث خان، وبك وخان – ومؤنثهما بيكم وخانم – من ألقاب التعظيم.
1 / 15