98

ردت جدتي وقد كفت عن البكاء: «لا يمكنهم إذابة الجليد وإعادتك إلى الحياة بعدما قضيت ليلة كاملة مطمورة تحت الجليد في هذا الطقس.»

وأضافت الخالة مادج متأثرة: «تخيلي أن كل هذا حصل لسوزي وهي تحاول الوصول من الإسطبل إلى البيت فقط. ما كان ينبغي لها أن تذهب إلى أبقارها، ولكنها ظنت أنها تستطيع تدبر الأمر، ومما زاد الطين بلة أن إحدى ساقيها كانت مصابة. أراهن أن هذا هو ما قضى عليها.»

فقلت خائفة: «هذا فظيع. لن أرجع إلى البيت.»

فقالت جدتي دفعة واحدة: «يمكنك الذهاب إن أردت.» «كلا ، سأبقى هنا.»

استأنفت الخالة مادج: «لا يعلم الواحد منا ما سيحدث له.» وراحت تنتحب هي الأخرى، ولكن كان بكاؤها طبيعيا أكثر من جدتي. بالنسبة لها لم تكن دموعها سوى بعض الارتشاح حول العينين، ويبدو أن دموعها أراحتها شيئا ما، ثم استأنفت: «من كان يفكر في تلك النهاية المأساوية لسوزي، كانت صديقة عمري، كانت صديقتي أكثر من جدتك، ويا لها من فتاة في الرقص! دائما ما كانت تقول إنها على استعداد لأن تسافر عشرين ميلا في عربة مكشوفة تجرها الخيل من أجل رقصة جيدة. وقد تبادلنا الفساتين ذات مرة على سبيل المزاح. آه لو كنا نعرف حينذاك ما سيحدث!»

قالت جدتي في أسى: «ليس بمقدور أحد أن يعرف، لا طائل من وراء ذلك!» •••

تناولت عشائي بنهم وأكلت كثيرا، فيما لم يعاود أحد ذكر حكاية سوزي هيفرمان.

أفهم الآن العديد من الأشياء، مع أن فهمي لها لا يفيد أحدا في شيء. أفهم أن الخالة مادج تشعر بالتعاطف مع أمي؛ لأن الخالة مادج رأت أمي بكل تأكيد كامرأة بائسة، حتى قبل مرضها. وأي شيء استثنائي كانت تنظر إليه ببساطة على أنه بؤس. أما جدتي فيجب أن ترى مثالا. لقد علمت جدتي نفسها؛ راقبت نفسها، تعلمت ما ينبغي فعله وقوله؛ فهمت أهمية القبول، حنت إليه، حققته، وعرفت أن هناك احتمالية لعدم تحقيقه. فيما لم تعرف الخالة مادج أيا من ذلك. شعرت جدتي بالخطر من أمي، ولعلها فهمت - عند مستوى معين دائما ما تضطر إلى الإنكار - تلك الجهود من جانب أمي، فكانت تسخر منها كثيرا وتوجه إليها اللوم بطريق غير مباشر.

أفهم الآن أن جدتي بكت غضبا على سوزي هيفرمان وعلى نفسها أيضا، وأنها عرفت كم أشتاق إلى بيتنا، ولماذا أشتاق إليه. عرفت ولم تفهم كيف حدث ذلك أو كيف كان يمكن أن يكون مختلفا أو كيف أنها هي نفسها، ما إن تحيرت وعانت بشدة، قد أصبحت امرأة عجوزا أخرى يخدعها الناس ويسترضونها ويحرصون على الابتعاد عنها.

مراسم التأبين

صفحه نامشخص