29

في ذلك الحين جاءت سيارة وتجاوزت السيارات المتوقفة، وتوقفت بالطريق الصغير المؤدي إلى المنزل. ترجلت لوريتا بيرد من السيارة، وعليها تبدو أمارات الأهمية، في حين خرجت من وراء عجلة القيادة سيدة أخرى ترتدي نظارة شمسية. تحركت برزانة عن لوريتا بيرد.

قالت لوريتا: «هذه السيدة تبحث عن قائد الطائرة؛ لقد سمعتها تسأل عنه في مقهى الفندق عندما كنت أشرب زجاجة من شراب الكولا؛ لذا أتيت بها إلى هنا.»

قالت السيدة: «آسفة على الإزعاج، أنا أليس كيلينج، خطيبة السيد واترز.»

كانت تلك المدعوة أليس ترتدي بنطلونا واسعا منقوشا بمربعات بيضاء وبنية، وبلوزة صفراء. بدا صدرها لي متهدلا يتقافز مع حركتها. ترك القلق آثاره على وجهها، وشعرها مموج، إلا أن أثر التموج بدأ يزول، وكانت تضع عصابة صفراء لتبقي ما تدلى منه بعيدا عن وجهها. لا شيء مطلقا يبدو جميلا بها أو حتى يجعلها تبدو صغيرة السن، لكن يستطيع المرء - من خلال أسلوبها في الحديث - إدراك أنها من المدينة، أو متعلمة، أو كلاهما.

وقف الدكتور بيبلز، وقدم نفسه وزوجته وعرفها بي، ثم دعاها إلى الجلوس، وقال: «إنه الآن يحلق في الهواء، لكن بإمكانك الجلوس وانتظاره، فهو يأتي ليضخ الماء الذي يحتاجه من هنا، وهو لم يأت بعد؛ وعادة ما يأخذ استراحته في الساعة الخامسة.»

قطبت أليس كيلينج جبينها بينما تنعم النظر إلى السماء، ثم قالت: «هذا هو إذن؟»

قال الدكتور بيبلز ضاحكا: «هو لم يعتد الهرب منك مستعيرا اسما جديدا؟» كان الدكتور بيبلز من قام بضيافتها - وليس زوجته - وعرض عليها شرب الشاي المثلج، أما السيدة بيبلز فقد أمرتني بإعداد الشاي المثلج مكتفية بابتسامة. كانت تضع نظارة شمسية هي الأخرى.

قالت: «لم يذكر السيد واترز أن له خطيبة.»

من الجدير بالذكر أن الدكتور بيبلز كان لا يقرب الخمر، على الأقل هنا في المنزل؛ وإلا لما سمح لي بالعمل هنا طيلة هذه الفترة. كنت أحب تجهيز الشاي المثلج وأضع له الكثير من الثلج مع شرائح الليمون في الأكواب الطويلة، وكان يتعين علي تحضير كوب آخر للوريتا بيرد مع أن ذلك عكر صفوي، عندما أتيت بالشاي وجدتها قد جلست على كرسي، تاركة درجات السلم لي للجلوس عليها. «لقد علمت من أول نظرة لك في المقهى أنك ممرضة.» «كيف عرفت شيئا كهذا؟» «أستطيع معرفة الناس بالحاسة السادسة، هل قابلت السيد واترز من خلال عملك، أثناء تمريضه؟» «كريس؟ نعم، نعم، إنه كذلك.»

قالت السيدة بيبلز: «أوه، أكان هذا وأنتم خارج البلاد؟» «كلا؛ فقد كان ذلك قبل أن يسافر، كنا لا نزال في زمن الحرب، وكان هو مرابطا في سنتريليا عندما انفجرت زائدته الدودية؛ حينها كنت أنا من أمرضه. تقدم لخطبتي في ذلك الحين، وسافر بعد ذلك خارج البلاد. يا إلهي، كم هو منعش ذلك المشروب بعد قيادة تلك المسافة الطويلة.»

صفحه نامشخص