مثلي، لما بدأ مرض أمي وأنا في العاشرة من عمري. لقد توفيت عندما كان عمري نحو خمسة عشر عاما، ما بين ذلك عشت معها وقتا عصيبا! وكان جسدها كله متورما، كانت تعاني حالة استسقاء، حتى جاءوا ذات مرة وأخرجوها منها بكميات رهيبة.» «ما الذي أخرجوه منها؟» «السوائل.»
جلست في كرسيها حتى أصبحت غير قادرة على الجلوس أكثر من ذلك، وكان عليها أن تأوي إلى السرير. كان عليها أن ترقد طوال الوقت على جانبها الأيمن لتبعد ضغط السائل عن قلبها. يا لها من حياة! وظهرت بعد ذلك تقرحات الفراش. كانت تعيش في بؤس، حتى جاء يوم قالت لي فيه: دودي من فضلك ساعديني على الاستدارة إلى الجانب الآخر لبعض الوقت. كانت تحاول الاستراحة قليلا، توسلت إلي، فقمت باحتضانها وأدرتها إلى الجانب الآخر. كانت ثقيلة الوزن، أدرتها إلى جانب القلب، وبعد ذلك بدقيقة ماتت. «لماذا تبكين الآن؟ أنا لم أكن أقصد قط أن أحزنك! حسنا أراك الآن طفلة كبيرة، ولا يشق عليك الاستماع لصروف الحياة.»
ضحكت الخالة دودي في وجهي لكي تخفف عني، ولأن وجهها كان أسمر نحيفا كانت عيناها كبيرتين وحمراوين. كانت ترتدي وشاحا حول رأسها في هذا اليوم، وكانت تبدو أشبه بامرأة غجرية، كانت تنظر في وجهي بخبث ولطف، بنظرة تهدد بالإفصاح عن المزيد من الأسرار ما لم أتمكن من تحمل ما تقوله. •••
قلت وأنا متجهمة: «هل أصبت بسكتة دماغية ؟» «ماذا؟» «قالت الخالة دودي إنك أصبت بسكتة دماغية.» «لم يحدث ذلك، قلت لها ذلك، وقال الطبيب ذلك، ولكنها تعتقد أنها تعلم كل شيء، إنها تعتقد أنها تعرف أكثر من الطبيب.» «هل ستصابين بسكتة دماغية؟»
ردت بهدوء: «كلا؛ أعاني من انخفاض ضغط الدم، وهذا هو عكس ما يؤدي إلى السكتات الدماغية.»
قلت لها: «إذن، أنت لن تمرضي أبدا؟» شعرت بالارتياح كثيرا؛ لأنها لا تعاني أعراض السكتات الدماغية، وهو ما يعني أنني يجب ألا أتعلم كيف أكون أما، أغسل وأمسح وأطعمها وهي ترقد على السرير، مثلما كان على الخالة دودي أن تفعل مع أمها. لقد شعرت بالارتياح؛ لأنها فسرت لي الأمر وأقنعتني. وطوال فترة حياتها، وخلال كل التغيرات التي حدثت لها، وحتى بعد أن تلقيت تفسيرات طبية عن حالتها، كنت أشعر بداخلي أنها لا تشعر بالراحة، وكانت تفعل ذلك لغرض في نفسها، كنوع من الانتقام ولم يستطع أحد أن يفهم ذلك.
لم ترد علي، ولكنها سارت قدما، كنا في طريقنا من منزل الخالة دودي إلى منزل الخال جيمس، كنا نتخذ مدقا يخترق مرعى الأبقار المحدب مما جعل الرحلة أقصر من اتخاذ الطريق.
تابعت بتهور وعناد: «هل ستتوقف ذراعك عن الاهتزاز؟»
ثم طلبت منها أن تستدير وتعدني بما أردت سماعه.
لكنها لم تفعل، وللمرة الأولى تجاوزتني مبتعدة، ومضت كما لو أنها لم تسمعني، وأخذت تسير أمامي وهيئتها المألوفة تتحول إلى هيئة غريبة. كانت تبتعد، وكل ما حدث في الواقع أنها استمرت في المشي في الطريق الذي اعتادت قطعه مع الخالة دودي عندما كانتا فتاتين ذهابا وإيابا. كان لا يزال موجودا. •••
صفحه نامشخص