سر صناعة الإعراب

ابن جني d. 392 AH
134

سر صناعة الإعراب

سر صناعة الإعراب

ناشر

دار الكتب العلمية بيروت

شماره نسخه

الأولي ١٤٢١هـ

سال انتشار

٢٠٠٠م

محل انتشار

لبنان

وحكى أبو العباس أن رؤبة قيل له: كيف أصبحت؟ فقال: خير، عافاك الله! أي بخير، فحذف الباء، وأنشدوا قول الشاعر١: رسم دار وقفت في طلله ... كدت أقضي الغداة من جلله٢ أي رب رسم دار. فأما قولهم "لاها لله ذا" فإنها صارت عندهم عوضا من الواو، ألا تراها لا تجتمع معها، كما صارت همزة الاستفهام في الله إنك لقائم عوضا من الواو، وهذا كأنه أسهل من الأول، وكلاهما لا يجوز القياس عليه. واعلم أن هذه الباء قد زيدت في أماكن. ومعنى قولي زيدت أنها إنما جيء بها توكيدا للكلام. ولم تحدث معنى، كما أن "ما" من قوله عز اسمه: ﴿فَبِمَا نَقْضِهِم﴾ [النساء: ١٥٥]، و﴿عَمَّا قَلِيل﴾، و﴿مِمَّا خَطِيئَاتِهِم﴾، إنما تقديره: فبنقضهم، وعن قليل، ومن خطيئاتهم، ونحو ذلك قوله تعالى: ﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَه﴾ [الزمر: ٣٦] ٣ تقديره: كافيا عبده، وقوله: ﴿أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ﴾ أي ألست ربكم؟، ﴿وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا﴾ ٤ [يوسف: ١٧] أي مؤمنا لنا، ﴿وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الشعراء: ١١٤]، أي طارد المؤمنين.

١ الشاعر هو جميل بن معمر العذري اشتهر بالعشق لجارية تسمى بثينة، وإليها نسب فكان يقال: "جميل بثينة". ٢ الطلل: ما بقي شاخصا من آثار الديار ونحوها "ج" أطلال، طلول. مادة "طلل". الغداة: ما بين الفجر وطلوع الشمس. من جلله: أي من أجله. الشرح: لقد كدت أموت حين وقفت في أطلال ديار الحبيب من أجلها. والشاهد: جر كلمة "رسم" بحرف جر محذوف هو "رب". ٣ ﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَه﴾: كاف: أي حافظه من شر أعدائه. مادة "كفى". عبده: الرسول ﷺ. والشاهد فيها زيادة الباء في قوله جل شأنه "بكاف". ٤ ﴿وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَ ا﴾: أي وما أنت بمصدق لنا، وردت على لسان إخوة يوسف حين تعللوا لأبيهم عن فقدهم ليوسف. والشاهد فيها زيادة الباء في قوله تعالى: ﴿بِمُؤْمِنٍ﴾ .

1 / 143