مضيِّع لمن يعول، وكفاه إثمًا (١) بذلك، ومن المتفق عليه أن تركه هذا ليس مرغبًا فيه، ولا هو زاهد فيه على الوجه المحمود، بل يسمى فعله سفهًا وكسلًا، وكذا مسألة التبذير والشح، فكلاهما مذموم، وهما طرفان، والعدل والخير بينهما.
• الصحابة والمال:
والذي يترجم ذلك كله على وجه فيه وسط، دون وكس ولا شطط: الصحابة خصوصًا، والسلف الصالح عمومًا، فإنهم -رضوان الله عليهم- كانوا حريصين على المال، ولهم فيه بتحصيله مهن معروفة، كاسبين له من جهة كونه عونًا على
_________
= «فمن لم يعن على إصلاحه؛ فقد أعان على الإثم والعدوان وعصى الله -تعالى-» .
(١) أخرجه مسلم في «صحيحه» في كتاب الزكاة (باب النفقة على العيال والمملوك وإثم من ضيعهم أو حبس نفقتهم عنهم) (٢/٦٩٢ رقم ٩٩٦) من حديث عبد الله بن عمرو بلفظ: «كفى بالمرء إثمًا أن يحبس عمن يملك قوته» .
وأخرجه بلفظ: «كفى بالمرء إثمًا أن يضيع من يقوت»: النسائي في «السنن الكبرى» (٥/٣٧٤ رقم ٩١٧٦-ط. دار الكتب العلمية)، أو «عشرة النساء» (رقم٢٩٥)، وأبو داود في «السنن» (رقم ١٦٩٢)، وأحمد (٢/ ١٦٠، ١٩٣، ١٩٤، ١٩٥)، والطيالسي (٢٢٨١)؛ كلاهما في «المسند»، وابن حبان في «صحيحه» (٤٢٤٠- «الإحسان»)، والقضاعي في «مسند الشهاب» (١٤١١، ١٤١٢)، والحاكم في «المستدرك» (١/٤١٥)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (٧/٤٦٧ و٩/٢٥)، وأبو نعيم في «الحلية» (٧/١٣٥) .
وأخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (٢٠٨١٠)، والنسائي في «الكبرى» (٥/٣٧٤ رقم ٩١٧٧-ط. دار الكتب العلمية)، أو «العشرة» (رقم٢٩٤)، والحميدي في «المسند» (رقم ٥٩٩)، والخرائطي في «مكارم الأخلاق» (رقم ٦٣٥)، والحاكم في «المستدرك» (٤/٥٠٠)، والقضاعي في «مسند الشهاب» (رقم ١٤١٣) بلفظ: «يعول» بدل «يقوت»؛ جميعهم من طريق أبي إسحاق السبيعي، عن وهب بن جابر، عن عبد الله بن عمرو، به، ووهب بن جابر لم يرو عنه غير أبي إسحاق، ووثقه ابن معين، والعجلي، وابن حبان (٥/٤٨٩)، ونقل الذهبي في «الميزان» (٤/٣٥٠) جهالته عن ابن المديني، وقال: «لا يكاد يعرف» .
ومعنى الحديث: أنه لا ينبغي المساهلة على من تلزم الإنسان نفقته، ويلزم البداية بهم في الإنفاق، وليس له الإنفاق على غيرهم مع حاجتهم، والله أعلم.
1 / 12