172

سر مکتوم

السر المكتوم في الفرق بين المالين المحمود والمذموم ويليه جواب في الجمع بين حديثين، هما: دعاؤه صلى الله عليه وسلم لأنس بن مالك بكثرة المال والولد، وحديث دعائه بذلك على من لم يؤمن به ويصدقه

ناشر

مكتبة وتسجيلات دار الإمام مالك

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

١٤٢٥ هـ - ٢٠٠٤ م

محل انتشار

الإمارات العربية المتحدة - أبو ظبي

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= والخلاصة مما تقدم: إن الحديث حسن، وعليه فمعناه صحيح، لا يخالف أصول الإسلام، ولا سائر النصوص، ولا قواعد الشريعة، والله -تعالى- أعلم. الثانية: حديث دخول الفقراء قبل الأغنياء الجنة، صحيح ثابت، سبق تخريجه. الثالثة: حديث ابن عمر الأخير غريب، قال محقق كتاب «التمام» عنه: «لم نعثر عليه فيما بين أيدينا من كتب الحديث» . قلت: ورد نحوه في «الأربعين حديثًا في الفقراء» للسّلفي، ولكن النسخة التي وقفت عليها غير مسندة، وهي من محفوظات المكتبة البلدية بالإسكندرية. وأورده الديلمي في «الفردوس» (٢٨٩٣) من حديث ابن عمر رفعه: «خير الناس مؤمن فقير يُعطي جهده»، ولم يعزه في «كنز العمال» (٦/٣٤١، ٤٦٩ رقم ١٥٩٤٧، ١٦٥٨٦) إلا له. الرابعة: لم يذكر أبو الحسين ابن القاضي أبي يعلى سائر أدلة مفضلي الفقر على الغنى، ونقول تتمة لما ساقه: احتج من فضّل الفقر بعدد من الآيات الكريمة منها قوله -تعالى-: ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ [الزمر: ١٠]، وقوله -تعالى-: ﴿وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُواْ عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا﴾ [الأحقاف: ٢٠]، فالآية الأولى تبين أن الصابرين يجزون بغير حساب، والفقير صابر على الحاجة والشدة والعوز.. والآية الثانية تبين أن سبب ذهاب الطيبات والحسنات في اليوم الآخر هو التمتع بالدنيا، وهو الغنى أو لازمه. وقد أجاب القرافي عن الاستدلال بالآية الأولى: بأن الأغنياء يساوون الفقراء في الصبر على الإيسار، وبذل المال، ومخالفة الأهواء. ويجاب عن الاستدلال بالآية الثانية بأنها في الكفار واستمتاعهم في الدنيا على وجه غير مشروع، وبقية الآية واضحة في ذلك: «... فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنتُمْ تَفْسُقُونَ» [الأحقاف: ٢٠] . واحتجوا -أيضًا- بأن الفقير أيسر حسابًا، وأقل سؤالًا: من أين اكتسب؟ وفيما أنفق؟ وقد سبق بيان تخريج الحديث. وأجاب القرافي عن هذا الاستدلال بقوله: «إن السؤال يقع نعيمًا لقوم، وعذابًا لقوم ... فلا يضر الغني الشاكر السؤال، بل ينفعه» . فلا تعني قلة السؤال علو المنزلة، كما لاتعني كثرته نزول الدرجة، فالمهم هو نتيجة الحساب وثمرة السؤال. واحتجوا -أيضًا- بأن الفقراء أكثر أهل الجنة، ويدخلونها قبل الأغنياء. وأجاب عن ذلك القرافي =

1 / 183