وفي لفظٍ: «هلك المُثْرُون إلا من قال بالمال هكذا وهكذا -فحثى بين يديه وعن يمينه وعن شماله- وقليلٌ ما هم» (١) .
وإلى هذا الفرق أشار القاضي عياض في «الشفا» (٢)، فإنه عقد فصلًا (٣) لما يختلف الحالان في المدح به، والتفاخر بسببه، والتفضيل لأجله، ومثّل لذلك بكثرة المال، وقال: «فصاحبه على الجملة معظّم عند العامة لاعتقادها تَوَصُّلَه به إلى حاجته، وتمكن أغراضه بسببه، وإلا فليس فضيلةً في نفسه» .
فمتى كان المال بهذه الصورة، وصاحبه منفقًا له في مهمّاته، ومهمَّات من اعتراه وأمّله، وتصريفه في مواضعه، مشتريًا به المعالي، والثناء الحسن، والمنزلة من القلوب، كان فضيلةً في صاحبه عند أهل الدنيا.
وإذا صرفه في وجوه البرِّ، وأنفقه في سُبُل الخير، وقصد بذلك الله -تعالى- والدار الآخرة، كان فضيلة [في صاحبِه] (٤) عند الكلّ بكل حالٍ.
ومتى كان صاحبه ممسكًا له، غير موجّهه وجوهه، حريصًا على جمعه؛ عاد