فأراد جريجوار أن يقدم للفتاتين المقاعد، فلم يستطع بل سقط؛ إما لتأثر الخمر أو لتأثير ما مزج بالخمر ، فتمتم معتذرا، فأجابته فاننكا: لا بأس عليك، ابق مكانك، واشربوا أيها الإخوان ولا تهتموا بنا.
واغتنم الحضور الأمر فأفرغوا الكئوس، وهم كلما تقدموا في الشرب ثقلت منهم الرءوس، فيسقطون لا يعون على شيء، فهبت فاننكا وقد صاروا جميعا طريحي الأرض، فقالت لوصيفتها: لقد أثر فيهم الأفيون.
فقالت الوصيفة: ولكن ما غرض مولاتي من ذلك؟
قالت فاننكا: سترين عما قليل.
ثم قامت فجمعت ما في الحان من حطب وأخشاب، فجعلته أكواما في أركان المكان، وأخذت قطعة مشتعلة من الموقد؛ فاضطرمت النار في الأحطاب، ثم جذبت وصيفتها إلى الخارج، فصاحت بها الوصيفة قائلة: ويلاه! ماذا تصنعين يا مولاتي؟
قالت: أدفن السر تحت الرماد.
قالت الوصيفة: ولكن أخي ...
فقاطعتها سيدتها قائلة: أخوك خائن أفشى السر، فخير له أن يموت قبل أن نذهب ضحية خيانته.
فأخذت أنوشكا في البكاء والنحيب، فقالت لها فاننكا باسمة: إن عز عليك أخوك فما عليك إلا اللحاق به.
قالت الوصيفة منزعجة، وقد لعبت النار بجدران الحان: مولاتي، النار، النار.
صفحه نامشخص