وعلى ذلك خرج جريجوار تاركا الجنرال مختبطا حائرا خاشيا شر خطر بدأ يتمثل له ويتهدد ركن سعادته.
ومن ذلك الحين أخذ الجنرال شرميلوف يراقب حركات فيدور وفاننكا بدقة واستيقاظ، فلم يجد من أحد الطرفين ما يؤيد صحة مخاوفه، بل رأى فاننكا على الأخص أكثر فتورا وجمودا من ذي قبل لا تنم ظواهرها على ما يوجب أقل ريبة فيها.
الفصل العاشر
مضت الأيام الثمانية التي ضربها جريجوار للجنرال، وفي ليلة اليوم التاسع نحو الساعة الثانية بعد نصف الليل سمع الجنرال قرعا على باب غرفته، فقام ليرى الطارق، وإذا به جريجوار فسأله عما به، فقال: لو كلف مولاي نفسه التوجه إلى غرفة ابنته؛ لوجد عندها سيدي فيدور.
فبهت الجنرال، ولكنه تشجع وارتدى ملابسه، وتبع الخادم دون أن ينبس ببنت شفة، ولما وصل إلى غرفة فاننكا أشار للخادم بالانسحاب؛ فانزوى هذا في أحد أركان الدهليز المظلمة، ثم قرع الجنرال الباب أول مرة وأنصت فوجد الغرفة ساكنة ساكتة، فقال في نفسه: السكوت لا يدل على شيء؛ إذ ربما تكون فاننكا راقدة.
ثم قرع الباب ثانية، فسمع صوت ابنته تقول بهدو وسكون تامين: من الطارق؟
فأجابها الجنرال بصوت خافت يكاد يخنقه التأثير: أنا أبوك يا فاننكا.
فقالت الفتاة مخاطبة أختها في الرضاع الراقدة في الغرفة المجاورة لها: أنوشكا، افتحي الباب لأبي.
ثم قالت مخاطبة أباها: عفوا يا أبي، فأنوشكا تضع ملابسها، وستكون بعد لحظة تحت أمرك.
فانتظر الجنرال صابرا، وقد كادت تتبدد وساوسه؛ لأنه لم يلاحظ في صوت ابنته ما يدعو إلى الريب فتمنى لو كذبت أقوال جريجوار.
صفحه نامشخص