ثم بدأت الدعوة امر الرسول (ص) بحمل الرسالة وتبليغ كلمة الله ، والدعوة إلى توحيده وعبادته وإصلاح البشرية وإنقاذها من الظلم والكفر والفساد والخرافة بقوله تعالى :
(قم فأنذر ). ( المدثر / 2 )
فانطلق مستجيبا لامر الله ، يبشر بالاسلام ، ويدعو إلى سبيل ربه ، فكان أول من دعاه ، وطلب منه التصديق به ، زوجته خديجة بنت خويلد (رض)، وابن عمه علي بن أبي طالب (ع)؛ الذي كان صبيا في العاشرة من عمره المبارك ، فآمنا به وصدقاه ; فكانت تلك النواة الاولى للدعوة الالهية الكبرى في الارض ، والمنطلق الاساس لحركتها التاريخية الرائدة، فكان علي (ع) كما أراد رسول الله (ص) ، التلميذ الواعي لمضمون الرسالة ، والجندي الحامل للراية ، والمخلص الوفي للدعوة والنبوة .
وكانت خديجة (رض) نعم العون والنصير ، فقد صرفت ثروتها ومالها الوفير من أجل نصرة الاسلام ، وتثبيت أركانه ; كما كانت دوما إلى جنب رسول الله (ص) تمنحه الحب وتشيع في أرجاء البيت عبق الراحة والسعادة .
ثم أسلم زيد بن حارثة ، فكان ثالث من صدق وأسلم(1).
وهكذا بدأت الدعوة إلى الاسلام بدايتها الاولى ، حتى أحدثت الانقلاب الشامل ، وأسقطت العروش والامبراطوريات والجبابرة ، وصنعت المدنية والحضارة الفذة .
لقد عبر رسول الله (ص) عن تلك البداية التي استهان بها الطغاة والجبابرة ، بقوله الذي رواه لنا
عمرو بن عبسة السلمي قال :
(32)
« أتيت رسول الله أول ما بعث وبلغني أمره ، فقلت : صف لي أمرك ، فوصف لي أمره ، وما بعثه الله به ، فقلت : هل يتبعك على هذا أحد ؟ قال : (نعم ، امرأة وصبي وعبد) ، يريد خديجة بنت خويلد ، وعلي بن أبي طالب ، وزيد بن حارثة » (2).
صفحه ۴۲