وتعاهدوا على الالتزام بحكمه ، فكان أول داخل عليهم هو النبي محمد (ص) فقالوا :« هذا الامين قد رضينا به ، هذا محمد » (1).
(18)
قام النبي بالتحكيم بينهم ، فكان قضاؤه أن يوضع الحجر الاسود في رداء ، فتأخذ كل قبيلة من القبائل المشتركة في البناء بطرف من الرداء ، ثم يحمل الحجر الاسود بهذه الطريقة ، ويقرب إلى موضعه من الكعبة ، فرضوا بحكمه ، واستجابوا له . وحين أوصلوا الحجر الاسود محمولا بهذه الكيفية ، رفع الرسول (ص) الحجر الاسود بيده الشريفة ووضعه في موضعه ، ثم بنى عليه .
وهكذا حسم النزاع برجاحة عقله ، وسمو مقامه .
وقد كان لهذا الموقف أثر كبير في نفوس تلك القبائل ، وتعميق مكانة الرسول ودوره القيادي، وتركيز للثقة بشخصيته وحكمته وأمانته .
محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) بشارة الانبياء
من الواضح أن رسالة الانبياء الكبرى ودعوتهم الجامعة هي (الدين) . فهم جميعا بعثوا ليبشروا به دينا واحدا هو دين الاسلام ، دين الخضوع والاستسلام لامر الله ، دين الهداية والانقاذ للبشرية مع تفاوت في درجات التبليغ ، واختلاف في منهج التعبد والبناء الاجتماعي . ومع هذا التفاوت في الرسالات والدعوات الالهية ، فإن معالمها الرئيسة جميعا تتركز في الرسالة الشاملة لهذا الدين ، رسالة محمد (ص) .
فهي جميعا قبس من أنوار هذا الدين ، وتشكيلة عقائدية وتشريعية من مادة هذا المنهاج الكبير ، وهي جميعا تسلك كخطوات تمهيدية ، ومبادئ تحضيرية لاعداد البشرية من أجل حمل رسالة هذا الدين ، والايمان بدعوته .
صفحه ۲۴