سيرة الإمام ناصر بن مرشد لعبد الله بن خلفان
بسم الله الرحمن الرحيم
* * * كوكب المعرفة * * *
-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-= -=-
الموضوع: سيرة الإمام ناصر بن مرشد
التوقيت: 08-08-2004 04:03 AM الكاتب: عبد الله بن خلفان بن قيصر
العنوان: http://ibadhiyah.net/maktabah/showthread.php?threadid=183
-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-= -=-
[الرد 1]
الكاتب: عبد الله بن خلفان بن قيصر
التاريخ: 08-08-2004 04:03 AM
: سيرة الإمام ناصر بن مرشد
* تقديم
* المقدمة
* خبر بلدة نخل المذكورة وما جرى فيها
* خبر سير الإمام لبلدة نزوى وما جرى فيها من الأمور
* خبر افتتاح بلدة منح ومن حال عن الصلاح وإلى الغي جنح
* خبر افتتاح سمد الشأن
* خبر افتتاح بلد بهلا
* خبر دخول بلدة منح
* خبر سيرة خميس بن رويشد على الظاهرة
* خبر سيرة مولانا الإمام على الغبي
* خبر سيرة مولانا الإمام على المقنيات
* خبر افتتاح بلد بهلا
* خبر سيرة الإمام على سمائل
* خبر افتتاح بلدة لوى
* خبر قتل الأمير مانع بن سنان بن سلطان العميري
* خبر افتتاح قرية الصير
* خبر افتتاح قرية دبا
* خبر سير الوالي على صحار
* خبر افتتاح قرية قريات
* أرجوزة
-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-= -=-
الرد 2
الكاتب: عبد الله بن خلفان بن قيصر
التاريخ: 08-08-2004 04:05 : تقديم
بسم الله الرحمن الرحيم
مما قاله المعتصم بالله المنان، وعبده عبدالله بن خلفان بن قيصر بن سليمان في إمام الزمان الذي أظهره الله نورا لأهل عمان، فأقام فيها العدل والإحسان:
صفحه ۱
اعلم رحمك الله أن هذا خبر سيرة مولانا إمام المسلمين، وسمام المجرمين(1) ونور رب العالمين، الذي قد أقامه الله بالحق المبين، وكان عاملا بما نص به القرآن، ومقتديا بسنة رسول الله في السر والإعلان، ومن نور الله بوجوده إقليم عمان وجعله ركنا للدين الإيمان، إمام المسلمين ناصر بن مرشد بن مالك، المنسوب لنصر وزهران، أيده الله بنصره وأنار به منازل أهل عصره، وكان له حافظا من موبقات البلايا، وحارسا له من مخترقات الرزايا، وعاصما له عن التبعات والخطايا، وأيده بالعز والتمكين، وأراح به الفقراء وكل مسكين، إنه على ذلك قدير، وبالإجابة لمن دعاه جدير، وهو حسبنا وإليه المصير.
_______________________________ (1) ... السمام والسموم جمع سم وهو المادة القاتلة.
-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-= -=-
الرد 3
الكاتب: عبد الله بن خلفان بن قيصر
التاريخ: 08-08-2004 04:07 : المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي قدر إبرام الأمور بإرادته فقضاها، ودبر تصاريف أزمتها بمشيئته فأمضاها، وأنقذ سوابق أقضيته في خليقته فأجراها، خلق السماء بغير واسطة، ورفع سمكها فسواها، وأدار أفلاكها فتعالى أن يضاهى، وأعدت فيها ترجيع وتقديس أملاكها وكلاها، وزينها بالنجوم وحرسها بالرجوم عن الردة وحماها، وبسط الأرض على الماء فأقرها ودحاها، وجعل لها الجبال أوتادا فأرساها، وأسكنها الخليقة وبسط أرزاقها وأسبغ نعماها وقضى عليها في سابق علمه برشدها وعماها، فسبحان من بيده تصاريف أقضية الأمور ومنتهاها، أحمده على ما سربلنا به من النعم وأسداها وأشكره على خفيات ألطافه التي لا ننساها، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الموجود إلها ، وأشهد أن محمد عبده ورسوله المسمى يس وطه، اللهم صل على محمد وآله ما سرت البيارق وضاء مسراها.
صفحه ۲
أما بعد فقد سألاني وأمراني من أمتثل لأمرهما ودا، ولا أبقي عنهما في الطوع والنصح جهدا، أحدهما الشيخ محمد بن سيف الوالي ذو المجد والإجلال، والشيخ الكامل ناصر بن ثاني بن جمعة بن هلال أن أشرع لهما في ابتداء سيرة الإمام، وأشرع في تحصيلها موجزا لألفاظ الكلام، وأذكر فيها حصر سيرته المرضية على التمام، فأجبتهما إلى ما طلبا وأحببت لما هما فيه رغبا، وأطنبت في وصفها على حسب الغاية، وهذبت اللفظ على توفيرها على النهاية، ولست أنا من هذه الرتبة الباذخة، ولا في العلم من أولي الدرجات الشامخة، وذلك لقصر باعي عن ذوي العلوم والمعارف، وقلة اختراعي في التطاول للقدماء الأشارف، بل كنت مجيبا لهما في التأليف، وملبيا لخدمتها في التصنيف، وكان ذلك على حسب الطاقة والتكليف، فقلت وبالله التوفيق في كل حال، وإليه المآب والمآل.
صفحه ۳
اعلما رحمكما الله وأمنكما قضاه ووفقكما لسلوك مناهج رشده ورضاه، أنه لما أراد الله بطلان أهل الضلال، وخذلان أولي الزيغ وهوان الجهال، إذ واظبوا على معاطاة الخمور، وتواثبوا إلى المحرمات من الأمور، وتعاهدوا على سلوك سبل الغواية والفجور، وجاهدوا على الأخذ في الملاهي وآلات الزمور، وسلك أكثرهم مسالك الفساد، وسفك معشرهم الدماء على العناد، وانتشر الفسوق، سائر البلاد، وسلك كل سلطان منهم على المظالم، وسقط ما بينهم كل مرتقى عالم، وخاض جمهورهم في بحور الغواية، وسلك مسالك الضلالة والعماية، وصاروا لم يقفوا من كتاب الله لوعظ آية إذا سمعوا آيات كتاب الله تزخرفوا وتفرقوا، وإن شاهدوا نغمات الرباب فرحوا وصفقوا، اختلف حينئذ وما ائتلف للقضاء رأي الرستاق، ومالكهم مالم بن أبي العرب فلم يكن ما بينهم اتفاق، ووقع بينهم القتل، وقلع بعضهم قلاعه المنيعة. فاستشاروا من علماء المسلمين أهل الاستقامة الشريفة، من أهل الجبال ومن حباها أن ينصبوا لهم إماما ليأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر. ويكون لهم مقداما، فأمعنوا النظر وجالوا الفكر لمن يكون أهلا لذلك، فاجتمعت آراؤهم على عقد إمامة السيد ناصر بن مرشد بن مالك، فأتوا إليه جميعهم فطلبوه فأجابهم إلى ذلك، فنصبوه وعقدوا عليه الإمامة في عام أربع وثلاثين وألف سنة(1) باطلاعهم على حسن سجاياه وخصاله الحسنة، ومسكنه قصرى من تلك الرستاق فطهرها من الدرن والدنس والنفاق، وعضدوه رجال اليحمد بأنفسهم وأموالهم، وأمدوه بذخائرهم وأخيارهم من رجالهم، واجتمعت آراؤهم أن يهجموا بالجيش ليلا على حصن القلعة، فليس كل منهم لأبة حربه وعزم على الطلعة، وكانوا فيها بنو عمه بعد مالك جده، فاستفتحها ولاح في وجهه نور سعده، وذلك من الله الحلول قدره السابق وحصول أمره الموافق وسيجعل الله بعد عسر يسرا. وقال المصنف شعرا:
صفحه ۴
لقد أيد الله ابن مرشد بالنصر =ففاق بما أوتيه في آخر العصر فلله ما أوتي من العلم والتقى =هناك على حسب الكفاية والحصر
به قد أزال الله ملة الهدى =عطايم آثام تؤدي إلى الكفر
به أيد الدين الحنيفي فاعتدى =عفيفا عن الأسواء والحوب والوزر
وفاق على الأديان طولا وبهجة =وقد محيت لما أتى ملة الكفر
كفينا به جور الأعادي وكيدها =وما استلبت يوما من الناس بالقهر
هنيئا لما أعطى وطوبى لما حبى =قمينا بما أوتى من الخير والأجر
أقام بنا كالشمس في أفق العلى =وفي حندس الديجور للناس كالبدر
به افتتح الرحمن قلعته التي =برستاق قهرا وقد فاز بالنصر
وطهرها من كل بغي ومنكر =وقد كان فيها ذلك الفعل بالجهر
ونزهها بعد الفجور فأصبحت =كيثرب في التنر به والعدل والطهو
فلا بعمان مثلها قط قلعة =مشيدة البنيان من سالف الدهر
فيا ربنا أنعم علينا بوجهه =لك الحمد يا معطي الجزيل مع الشكر
فما زال فينا فالهدى هو واضح =ومن بعده لله عاقبة الأمر
________________________ (1) ... يوافق عام 1034هجري العام 1624 م
-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-= -=-
الرد 4
الكاتب: عبد الله بن خلفان بن قيصر
التاريخ: 08-08-2004 04:08 : خبر بلدة نخل المذكورة وما جرى فيها
قال الراوي لهذه الأوصاف والحاوي لها حصرا بائتلاف.
ثم توجه مولانا الإمام لقرية نخل لوقوع السبب، وكان مالكها ابن عمه سلطان بن أبي العرب، فحاصرها أياما وافتتحها وقضى الأرب، وكان أخذه لها دون مشقة ولا تعب وكانت فرقة من أهل نخل زائلة عن الحق والصواب، زائغة عن منهاج الرشد والثواب، سالكة مسالك الغي والارتياب، فظاهرت عليه الأعداء فحصروه، وأتاه الإمام واليحمد فنصروه، وبدد الله به شمل أعدائه الفساق، وأقبل مؤيدا منصورا إلى الرستاق حين ما طهرها من الفسق والنفاق، وذلك بعدما أقام بقرية نخل واليا من جنابه، سالكا مسالك الحق مع صوابه.
صفحه ۵
ثم قدمت عليه رسل من نزوى يدعونه إلى ملكها، فأجابهم إلى ذلك ولم يعز على تركها، فسار في قومه رجال اليحمد وأناخوا بشرحة صفر من سد، وأقام بها ليلة فلم يصد قوة فيما ووعدوه، وتمادوا في تركه ولم يفوا بما عاهدوه ثم رجع مولانا الإمام إلى بلد الرستاق بعدما أخلفه ألئك القوم على الإطلاق، وأقلم بها على العدل والإنصاف مدة من الزمان.
ثم توجه إليه الرويحي قاصدا وهو أحمد بن سليمان ورجال من بني رواحة وقوم من عصبة مانع بن سنان.
-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-= -=-
الرد 5
الكاتب: عبد الله بن خلفان بن قيصر
التاريخ: 08-08-2004 04:09 : خبر سير الإمام لبلدة نزوى وما جرى فيها من الأمور
قال الراوي لهذه السيرة ذكرا والحاوي لها ضبطا وحصرا:
صفحه ۶
ثم أقاموا معه أولئك يدعونه إلى ملك سمايل، ووادي بني رواحة لاعتدال كل مذهب مائل، فسار الإمام ورجال اليحمد إلى ما دعوا إليه، حتى جاور حرش على ما عاهدوه عليه، ونزل وادي بني رواحة بجمهور الشجعان، وترك بعض قومه عند الأمير مانع بن سنان، واتفق رأي الإمام والأمير أن يتوجها بالجيش إلى نزوى، وسار معهم القاضي خميس بن سعيد ذو التقوى والفتوى، المتمسك بسبب الله الأقوى. ونصرته عصبة من أهل أزكي، وسارت معه إلى نزوى فالتقوه أهلها بالكرامة على ما يحب ويهوى، فدخلها الإمام وكان محاه منها العقر المشهور، فأقام فيها بالعدل والإنصاف بعض الشهور، وكانت فرقة منهم تدعى ببني بو سعيد، وهم رؤساء العقر وأولوا البأس الشديد، فتسفهت أحلامهم ومن سار معهم من أهل سوق نزوى، واجتمعت آراؤهم أن يدخلوا على الإمام بجيشهم الأقوى، وكان ذلك يوم الجمعة الزهراء عند ظهور النهار، فائتمروا فيما بينهم بالسعي إلى الصلاة، وتأهب كل منهم بطاعة مولاه، فأتى الإمام من كان له محبا ومودا، فأخبروه بما أعدت عليه الأعداء، فتحقق خبرهم عند مولانا الإمام فأمر بإخراجهم من مكانهم بالتمام، ونهى عن قتلهم بل ينفوا من سائر البلاد، فخرج من بغى على الإمام بالكره والذل والانقياد، وكان قد نصر الإمام رجال من حارة الحوائر من عقر نزوى، وشاهد منهم النصيحة لحلول الدوائر، فتقرقت الفئة الباغية على الإمام في البلدان، وولوا هاربين في الخذل والخذلان، والتجأ جمهورهم في أصح الروايات والدلائل إلى مانع بن سنان في قرية سمايل.
صفحه ۷
وكان مانع بن سنان قد عاهد وحلف له على اتباع الحق، ثم نقض العهد ودقص الجهاد، وترك ما حل من الحق ودق، ففرقة التجأت إلى الهناوي في بهلا، وآزرته على حرب مولانا الإمام جهلا، واستقام الحرب ما بين الإمام والهناوي، فأمر الإمام بتأسيس حصن نزوى على أصح الفتوى، وكان قد بناه الصلت بن مالك، ليذل له أرباب المناصب والممالك، واستعان على وضع قواعده بالصمد المالك، فأجار الإمام سامح بنيانه، وأشاد للإسلام بارخ أركانه، وثبت به قوى قواعده وأسمت عنوانه واستقر فيه مع من اصطفاه من اخوانه، ما زال مؤيدا منصورا وما برح ضده بيأسه منكدا مقهورا.
-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-= -=-
الرد 6
الكاتب: عبد الله بن خلفان بن قيصر
التاريخ: 08-08-2004 04:10 : خبر افتتاح بلدة منح ومن حال عن الصلاح وإلى الغي جنح
أخذها من غير حرب ورجع عنها إلى سمد الشأن.
قال الراوي لهذه الأخبار الرائعة والمقالات الفائقة:
إن أهل منح أقبلوا إليه يدعونه إلى إصلاح أحوالهم، وظاهروه برجالهم وجملة أموالهم، فتوجهها نصره الله وافتتحها، وأظهر العدل فيها فأصلحها، وذلك من غير مشقة ولا نصب، ولا لغب كان ولا وصب ثم رجع منها منصورا انزوى من غير مشقة يأمر فيها بالعدل والإنصاف ويسلك فيها مسالك التقوى والعفاف.
-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-= -=-
الرد 7
الكاتب: عبد الله بن خلفان بن قيصر
التاريخ: 08-08-2004 04:10 : خبر افتتاح سمد الشأن
قال الراوي لها خبرا، والحاوي لأحوالها أثرا:
صفحه ۸
ثم أتوا الإمام أهل سمد الشأن على التوالي، وهي يومئذ في ملك علي بن قطن الهلالي، فوجه مولانا الإمام لها جيش عرمرما مؤيدا منصورا برب السماء، يقدمهم الشيخ العالم مسعود بن رمضان، فافتتحها من غير مشقة ولا تعب بإذن الرحمن، ثم أتوه أهل إبرا وكان مالكهم محمد بن جيفر بن جبر فافتتحها بعون الله تعالى والصبر حتى دالت له سائر الشرقية، ودانت له خاضعة فلم يبق منهم بقية، ما خلا هنالك بلدة صور وقرية قريات لأنهما بيد النصارى وعلى الدور قصبات.
-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-= -=-
الرد 8
الكاتب: عبد الله بن خلفان بن قيصر
التاريخ: 08-08-2004 04:12 : خبر افتتاح بلد بهلا
قال الراوي لهذه السيرة والحاصر لأسبابها الشهيرة:
ثم إن الإمام جهز جيشا وسار إلى البهلا على الهناوي حتى وصل إلى مكان يسمى قاع المرخ،
يقول الراوي:
فرأى الرجوع خيرا له خوف افتراق الكلمة في نزوى،
قال الراوي:
ثم لم يزل الإمام يجمع الجيوش والجحافل ويدعوا بأولي الأندية وأرباب المحافل، وينتخب الرجال من أعالي البلد والأسافل حتى اجتمع لديه الجمع الكثير والجم الغفير، فسار بالجموع قاصدا للظاهرة، و افتتح بها وادي أفدى بقدرة الله القاهر، وأمر على الفور ببناء حصنها وذلك لامتناعها وحفظها وصونها ونصروه في قرية ضنك أهل العلاية وآزروه على حسب الطاقة والكفاية، فكان مقدامهم الشيخ خميس بن رويشد ورجال الفيالين، واستقام أمره على رغم القالين، فحمد الله سرا وجهرا وقال في ذلك شعرا:
لد نصر الله بن مرشد ناصرا =وأيده حقا فأصبح شاكرا
وما زال في آصاله وبكوره =وفي سائر الأوقات لله ذاكرا
هنيئا بما أعطى جديرا بما جنى =حريا بما أوتي وطاب مآثرا
فما زالت الأيام تجري بسعده =وما زال في الإسلام لله أمرا
ومن يتق الرحمن ينصر جيوشة =ومهما توجه للعدى كان ظافرا
صفحه ۹
لقد شرف الله الملا بوجوده =كفى جمع ما أحيا الإله منابرا به عصرنا الزاكي تطاول مفخرا =وعزا وطولا ثم فاق الأعاصرا
به افتتحت بهلا لدى منح معا =وكان إلهي لابن مرشد ناصرا
ومن بعدها إبرا وأقبل قاصدا =بوادي ضنك بالجحافل حاصرا
وقدام أفدى بالجنود فسلمت =لطاعته قهرا ونال مفاخرا
قال الراوي:
ثم خرج الإمام يطوف بمملكته من عمان حتى وصل منها إلى سمد الشأن، فرجع مقبلا ومعه بنو ريام ومن عنده حاضرا من خدام الإمام ودخل حينئذ الرستاق منصورا مؤيدا بنعمة الله محبورا.
-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-= -=-
الرد 9
الكاتب: عبد الله بن خلفان بن قيصر
التاريخ: 08-08-2004 04:12 : خبر دخول بلدة منح
قال الراوي:
فأقبل جند محمد بن جيفر لبلدة نخل متوجها إليها، ودخلها قسرا وقد احتوى عليها، وحاز أهلها جميعا على التمام ما خلا حصن مولانا الإمام.
قال الراوي:
فنهض إليه مولانا الإمام من الرستاق، بجيش عرمرم لا يطاق، ونصروه المعاول على الإطلاق، وجاهد في الله حق جهاده باستحقاق، وبذل مولانا فيها حيلة، ومالوا عليهم فيها كلهم ميلة، فما لبث القوم غير ليلتين أو ليلة، وأخرجوا منه البغاة هاربين، وكان أحزاب مولانا الإمام من الغالبين، ثم رجع مولانا الإمام منصورا لبلدة الرستاق، وأقام أياما كما روي باتفاق.
-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-= -=-
الرد 10
الكاتب: عبد الله بن خلفان بن قيصر
التاريخ: 08-08-2004 04:13 : خبر سيرة خميس بن رويشد على الظاهرة
قال الراوي لهذه الحالات العجيبة والمقالات الغريبة:
صفحه ۱۰
ثم أقبل عليه الشيخ خميس بن رويشد يستظهره على الظاهرة، فجهز الإمام جيشا وسار بنفسه وكان الله حافظه وناصره حتى نزل - حفظه الله - الصخبري من بلاد السر الفاخرة ، ونصروه أهلها ورجال الضحاحكة بالمال والرجال، وسار منها قاصدا حصن الغبي وفيها جمهور آل هلال، وعندهم أقوام من البدو وحضر في تلك الأيام، فحاربهم مولانا الإمام، ودارت رحى المنون ما بين الأقوام، وسعرت ما بينهم نار الحروب واشتد لها الضرام، وامتد قسطل الماقط وأسود القتام، وقتل جاعد وهو أخ الإمام بعدما جاهد في سبيل الله بالحسام، وشهد له الجمع بالكفاح والصدام، حتى عاين الضيم منه شيئا إمرا، وقال في ذلك شعرا:
لقد خاب ذو ظلم وقد كاب عابد =وقد دان ذو بغي وقد لان جاحد
وقد ظهر الحق المبين وأسعرت =كوكب سعد الدين والله عاضد
إذا ما احتبى الرحمن عبدا أماته =على فطرة الإسلام وهو يجاهد
إمام الورى لا تبتئس بحماسة =هنيئا له في الحشر مما يشاهد
إمام الورى في قتله نعم مغنم =إذا برزت للفائزين الفوائد
فطوبى له بالحق والنور والبها =إذا عددت للطائعين المحامد
فمن قصده الرضوان والفوز بعده =يجز منهجا فيه توجه جاعد
فيا رب جل والطف علينا برحمة =وبوئه الفردوس إنك واحد
وكن عند إيحاش الخليفة مؤنسا =له إنك المعطي الجزيل ورافد
عليه من الرحمن واسع رحمة =وعفوا له ما قام لله عابد
جزاؤك في المال مع الرضا =وحسب امرئ يدعوك إنك واحد
له قد أعد الله في الخلد منزلا =به الحور والولدان ثم الولائد
قد اختار مولانا الجنان له غدا =بحسن جهاد والمهيمن شاهد
فلا زال مولانا الإمام ونورت =لنا جمع مبرورة ومساجد
ووافاه من ضنك خميس بن راشد =إلى الحق يدعوه إلى ما يكابد
وقد جاء الضحاك بالجيش مقبلا =إلى صخبري السر إذ لا يعابد
أجاب الدعاء فورا وقام مشمرا =وللغضب في هام العدا هو عامد
صفحه ۱۱
وأموال إلى الغبي بالجيش جملة =وفيها الهلاليون يوما تجالد وقد كان فيما كان من سابق الفضا =من القتل حتى غيل بالقتل جاعد
تغشاه رب العرش منه برحمة =وبوأه الرحمن والله واحد
-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-= -=-
الرد 11
الكاتب: عبد الله بن خلفان بن قيصر
التاريخ: 08-08-2004 04:14 : خبر سيرة مولانا الإمام على الغبي
قال الشاهد لهذه الرواية، والمعاهد لهذه الحكاية:
ثم إن مولانا الإمام توجه إلى عبري بعد قتل أخيه جاعد، فافتتحها وأقام بها ليلتين وقدم الصخبري والله له مساعد، وحصر الغبي وأخذها في يوم واحد وجعل فيها واليا يدلها لكامل رشدها الوفى، وهو يومئذ خميس بن رويشد المجرفي، وأقام رجل من جنابه من الرستاق وبقربه بات والي الإمام محمد بن سيف الحوقاني على الحق والثبات، وأمرهما بفتح ما بقي من قرى الظاهرة وذلك من فضل الله وصحبه القاهرة، فعزهم آل هلال، واجتابوا لهم الحزون والرمال، وقطعوا في سيرهم كل العجاج، وكانوا بناحية ضنك بموضع يقال له الأفلاج، فالتقوهم ولاة الإمام في الدير، فقضوا جميعا، وتفرجت العساكر إذ ذاك سريعا، واستولى على الجميع مما ظهر وعلن، وأخذت إبل ابن خير قطن بن قطن، وذلك لأنهم لينتصروا بها عليهم، ويرجع أمر المسلمين إليهم، فحاصروا ولاة الإمام حصن قطن المعترض، وذلك مما قضى في الأزل وفرض، فركب ابن خير قطن قاصدا مولانا الإمام، فأديا إبله بتسليم حصنه والقرار على الدوام، ففرح المسلمون بذلك أشد الفرح، وزايلهم الوصب والنصب والترح، فأنعم الإمام برد إبل ابن خير عليه وأولاده، وسلم حينئذ ابن خير الحصن للولاة فأقاموا به واليا ليدلهم على منهاج الصلاح، ويسلك بهم سبيل الرشاد والفلاح، فاستقرت لذلك غاية القرار، وأقام داعي الله فيها آناء الليل وأطراف النهار.
-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-= -=-
الرد 12
صفحه ۱۲
الكاتب: عبد الله بن خلفان بن قيصر التاريخ: 08-08-2004 04:15 : خبر سيرة مولانا الإمام على المقنيات
قال الراوي لهذا الاستفتاح، والحاوي لما أنعم الله على العالم وأتاح:
ثم توجه ولاة الإمام بجيشهم لحصن مقنيات المذكور، وحاصروه وكان فيه وزير من جناب الجبور، فوجهوا عليهم الجبور جيوشهم من عصب آل هلال من بدو وحضر وآل الريس من الجبال، ومرادهم أن يهجموا عليهم في مقنيات بالتمام، فتحقق الجبور أن لا طاقة لهم على الجيش الهمام، فنهضوا ورجعوا إلى قرية بات، وكانت في ملك الإمام أيده الله بالثبات، فخاف الإمام على حصن بات لفقد الماء به وعليه الاعتماد، فسار المسلمون من مقنيات، ولم يشعر بهم الأعداء فدخلوا حصن بات ومنعوه من الجبور، ووقع القتال ما بينهم وعظائم الأمور، فمالوا الجبور على حصن مقنيات مرة أخرى، لأن أكثر سكر الإمام ببات لصحة الذكرى، وهجموا ولاة الإمام على من بمقنيات لقلة قومها وقال في ذلك شعرا:
لقد ثرن القساطل للسماء =كذا الغبراء تخصب بالدماء
ترى في حومة الهيجاء أرؤسا =لعمرك قد تطاير في الهواء
وذلك في سبيل الله حقا =لتحقيق اليقين على الوفاء
مرادهم بذلك جنان خلد =مزخرفة مشيدة البناء
وحور ناعمات في قصور =أعدت للمجاهد بالصفاء
بها لأنهار من لبن وخمر =ومن عسل مصفى عند ماء
أعد الرضا لهم نعيما =مقيما ليس يذهب بانقضاء
ففي بات لقد وقعت حروب =بها قعدت بذلك كالبهاء
كذلك في مقنيات نزال =وزلزال وأنواع البلاء
ثمانية لقد دفنوا بقبر =فيا لهفاء من حتم القضاء
وقال الراوي لهذه الأحوال المرضية والأقوال المضنية:
صفحه ۱۳
حتى قد شق ذلك على المسلمين، فخرجوا من البلد غير مطمئنين وكان قد قتل من البغاة خلق كثير لا يحصون عددا، وذلك لصحة الآثار وما جاءنا من الحديث مسندا، حتى قيل أنهم عجزوا عن دفنهم في القبور، ما خلا السبعة والثمانية في قبر لمشقة الأمور، وأيد الله المسلمين بنصره، وثبت كلا منهم لإخلاصه وجميل صبره، فلله درهم على حلول الشدائد، وما شاهدوه من أليم الضر وعظيم المكائد، وقال في ذلك شعرا:
=""
إلى الله أقواما تواصوا إلى الصبر =وما شاهدوه في الجهاد من الضر
إذ شمروا للحرب يوما تخالهم =ليوث السرى لم يثنها قط من ذعر
لقد بذلوا أرواحهم لإلههم =ليجزيهم خير الجزاء مع الوتر
وقد قتلوا أعدائهم شر قتلة =بمقاط حرب ما يحل عن الحضر
كما قيل إن سبعة أنفس =لشدة ضيق الأمر تدفن في قبر
وقد جاهدوا في الله حق جهاده =فطوبى لهم حازوا الرضا مع الفخر
رأوا ما أعد الله خيرا من التقى =بدرا الفنى فاستشهدوا طلب الأجر
فبعض جزاء الله للعبد جنه =وحور وأنهار من الماء والخمر
ويكفيك قول الله في نص آية =من الخير للعبد المطيع مدى العمر
بما تشتهي نفس وتلتذ أعين =كما ظهرت من جملة الحوب والوزر
فلله أقواما تجافت جنوبهم =مضاجعهم في طاعة الخالق البر
حباهم وأعطاهم بما أملوا له =فأثنوا على الرحمن بالحمد والشكر
فطوبى لهم فازوا برضوان ربهم =وحسن جزا الباقي على مدى الدهر
عليهم من الرحمن واسع رحمة =كما طيبوا الأعمال في السر والجهر
-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-= -=-
الرد 13
الكاتب: عبد الله بن خلفان بن قيصر
التاريخ: 08-08-2004 04:17 : خبر افتتاح بلد بهلا
قال الرواي لهذا الخبر الشريف والحاوي لهذا الأثر العنيف:
صفحه ۱۴
قلما بلغ أولئك الأقوام مولانا الإمام المظفر، فما لبث أن قام في ذات الله وشمر، ودعا شوكته بكل غضنفر، فصارت الرجال بأنديته تتزاحم، والأبطال بشريف ساحته تتراكم، فأم الإمام بالجيوش للهناوي ببهلا، واستعان بذلك العزم وبالملك الأعلى، حتى ملأت العساكر وعرا وسهلا، ثم دخلها بالجحافل ليلة من الليالي، ودارت بها جميع صناديد الرجال، وشمرت عن سواعدها جحاجحة الأبطال، وكان الدخول فيها ليلة عيد الحج الحرام، فحصرها الإمام شهرين إلا ثلاثة أيام، بعد ما اشتد ما بينهم النزال والصدام، ثم أقبلت جيوش الجبور لنصرة الهناوي، فالتقتها جحافل الإمام كما رواه الراوي، فتصادمت الأبطال بالأبطال، وامتد قسطل الماقط فاستطال، حتى كفر بفرعه آفاق الخضراء وعفر عوائق الأقوام سمالق الغبراء، وقتل شجاع من جيوش الجبور، وهو الدهمشي قاسم بن مذكور، وكذلك كل مقدام للصداع مشهور، فرجعت عنه الجبور وبقي من معه محصورين، واستبشرت فئة الإمام إذ لا يزالون منصورين، فاستبد الهناوي برأي من معه من المقربين، بعد ما آيس من الناصر والمعين، في أن يقاتل ما استطاع على الدوام، أو أن يسلم الحصن لمولانا الإمام، فاتفقت آراؤهم أن يسلموا الحصن للإمام المنصور، حين انقطع عنهم الناصر وسارت عنه الجبور، فسلم الحصن وخرج منه برجاله وجميع آلة حرب وماله، وبقي الحصن بعد القوم خاليا، فأخذه الإمام وجعل فيه من جنابه واليا، ثم رجع الإمام إلى نزوى مقره حامدا مولاه على ما أولاه من خالص بره، شاكرا إذ كفاه ألم ضده ودفع ضره، ما زال منصورا ما بقيت الجوزاء والشعراء وقال المصنف في ذلك شعرا:
=""
إمام له التأييد من ربه الأعلى =فساد الملا وعرا وسادها سهلا
وعمت به الخيرات في كل بلدة =وقد ملئت من حسن سيرته فضلا
فما أحسن الدنيا وأنورها به =أكملها فعلا وأجملها عدلا
صفحه ۱۵
به افتتح الله البلاد جميعا =إذا أمها بالجيش قالت له أهلا من الصير إن عددت ملك إمامنا =إلى صور مع نزوى الشريفة بل سهلا
لقد عظمت بالبلد واشتد فتحها =وقد كثرت فيها من الأمم القتلا
وكاد إمام الحق يرجع دونها =لشدة أهليها وصبصها الأعلى
قلم يغنها الحصن المشيد عن القضاء =فذلت له لما رأوا بها أولى
وقد قام داعي الحق فيها مبادرا =يدمر آثاما ويمحو بها جهلا
فلا زالت الأيام تجري بسعده =ولا فصل الدهر الغشوم له حبلا
وقد حصرت شهرين إلا ثلاثة =لأيامها نزوى لدينا وقد تتلا
ومن بعد طغيان وبغي ومنكر =إذن قد سمعت فرعا كما قد درست أصلا
فدام إمام العدل والنصر مقبل =وكل معاديه لظى حربه تصلا
-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-= -=-
الرد 14
الكاتب: عبد الله بن خلفان بن قيصر
التاريخ: 08-08-2004 04:33
: خبر سيرة الإمام على سمائل
قال الراوي لهذه الخطابات المسطرة والروايات المحيرة:
ثم إن الإمام ترك مانع بحصنه وتوجه بجيشه العظيم عازما - نصره الله - على بناء حصن سمائل القديم، فأتاه وأسس قواعده وأقر حينئذ هنالك أو أيده، وأعلى بناه فأشاده، وأطال فناه فأجاده، ثم جعل فيه واليا من جنابه، عاملا بما أنزل الله في كتابه، ثم رجع الإمام إلى نزوى فيما يسند إلينا من الحديث ويروى، وجهز جيشا إلى مقنيات وعزم عليها فخرج إلى نزوى متوجها إليها، ثم اشتدت ما بينهم الوقائع واسمأزت القلوب من أليم الفجائع، فما لبثوا في حصنهم إلا دون ثلاثة أشهر في التقدير، وافتتح الإمام الحصن بإذن الله والله على كل شيء قدير، ثم جعل الإمام فيها واليا على الإطلاق، وهو محمد بن علي من أهل الرستاق.
قال الراوي لهذه السيرة الفائقة والطريقة الرائعة:
صفحه ۱۶
فلم يزل سعيد المشهور بالخيال ن وجماعته ومن تابعه من الرجال، كامنين البغض للإمام، ناكثين العهود والذمام، مكاتبين الجبور على الدوام، حتى أدخلوا الجبور الصبخرى في بعض الأيام، وقتلوا رجلا من الضحاحكة ومن قضى الله عليه من شراة الإمام وغيرهم إذ لا يحصى عددهم إلا ذو الجلال، حتى حصل جيش مولانا الإمام في الحال، ثم وقع ما بينهم القتال والنزال، وأمور معضلات هائلات لا تزال، ووقعت بالصبخرى وقائع كثيرة، وأمور معضلات عسيرة، منها وقعت بمكان يسمى بالعجيفة، وهي وقعة شديدة مخيفة، ومنها وقعة بمحلة تدعى الغابات، إذ بها من القوم كل يكابد مصابه، ومنها وقعة بمكان يسمى بالمظهرة، ما زالت بها نار الحرب مسعرة، ومنها وقعة بمكان يسمى بالزيادة إذ بها كل استلأم بلأمة حربه وتسم جياده، وهي وقائع شديدة وفجائع مكيدة، حتى كاد ركن الإسلام فيها أن يتضعضع، ويذعن من حولها كل سميدع وبخضع، وكثير من القوم من أدبر عن والي الإمام وما بقي معه إلا القليل من الأقوام وهو في حومة العدو محيطة به الأضداد مشتملة عليه جميع العتو والعناد، وقد كان عزمه أن يوهي من الخوف والوجل، ولم يزل معتصما بالله عز وجل، فيقر محصورا بحصن الغبي من السر صابرا على ما يعانيه الألم والضر، والوالي بها إذ ذاك وهو محمد بن سيف، المطهر من الدنس والدرن والحيف، حتى أذن الله تعالى بلطفه المكين، وأيده بنصره كافة المسلمين، وكان السبب الداعي لذلك تحقيق الخبر عند والي الإمام وهو محمد بن سيف ذو السطوة التي لا تلام، فجيش الجيوش ووجهها لقصد أخيه ناصرا له ومفرجا عنه مما هو فيه، ودخل البلد من غير علم من الأضداد وجاهد في ذات الله أشد الجهاد، وفرق الجموع في سائر البلاد، فمنهم منن التجأ إلى الصخبرى فخاف، فخرج منها هاربا يقطع القفاف، ومنهم من ينقل نقلا بلا اختلا ف، وهي في ملك ناصر بن قطن بن جفير، وأيد الله المسلمين بالثبات والنصر، فحازوا فيها على الناس فضلا وفخرا، وفازوا بما فعلوه دنيا وأخرى، ون يتق الله يجهل له من أمره يسرا وقال المؤلف في ذلك شعرا:
=""
لقد زال العناء ثم القسام =وقد لاح الهدى وبقي الظلام
وولت جملت الأحزان عنا =عشية مالنا ظهر الإمام
به قد أيد الإسلام حقا =على الأديان واندرس الحرام
إمام الدين أنت لنا سراج =يضيء الناس والبدر التمام
بدولته قد ذهبت هموم =نكايدها وقد طاب المنام
ومن عجبي إذا ما فهت يوما =بمدح فيه ساعدني الكلام
لقد ملكت مودته جسوما =وأفئدة لنا ثم العظام
ومن نعم الإله على البرايا =دوام إمامنا وهو المرام
به كفى الملا شرا وضرا =وعوفي الدين وأنجاب القيام
ألا يا أيها الباغي عتوا =تحاذره وتخشاه الأنام
ترفق فالهداية نعم فخر =لمدخر وإلا فالحسام
فمن أعطاه رب العرش نصرا =وأيده لعمرك لا يضام
فطرق الحق أوضح كل الطرق =لسالكها وعقبا للسلام
فما زال الإمام لنا سراجا =يضئ الناس ما سجع الحمام
ففي الغبي قد حلت حروب =لها نار يشب لها ضرام
ففي الغبي قد تلفت نفوس =عزيزات هنالك لا ترام
وفي الغبي قد ثارت غبار =كان قيامها يوما غمام
وفي الغبي قدت رقاب =كان بهاءها البدر التمام
بها الوالي يصالي بالعوالي =فلا يخفونه يلج المنام
محمد ذي التقوى على =يجاهد ليس يثنيه الحسام
حوى صبرا فجاز به فخارا =له في جنة المأوى مقام
قال الراوي لهذه العبارة والحاكي لهذه الإشارة:
صفحه ۱۸
ثم إن الأمير مانع بن سنان كاتب سيف بن حمد الهناوي بالكمان، فنكثا العهد ونقضا الأيمان، وجيش الجيوش يتزعمهم ملك عمان ودخلوا نزوى وما خلوا أهلها من الخديعة والعصيان، بل كان ذلك بينهما سرا بالكتمان، وظاهروهم بعض القبايل منهما كما صح عندنا وبان، فدخلوا نزوى واحتوى على العقر منها وحازوها جميعا بحصول الدولة، وما بقي للإمام إلا الحصن وما حوله، دورت رحى الحرب ما بينهم أشد مدار وكادوا لكثرتهم أن يهدموا عليهم الجدار، ثم وافت فورا نصرة مولانا الإمام، من أزكي وبهلا ومعهم بني ريام، وقد كان محمد بن صلت للإمام ناصحا، ولأعدائه في الشدايد مكافحا، وهو للصواب والحق جانحا، فدخلوا على الإمام فاستبشروا لقدومهم غاية البشرى، وحبى بهم من الله تعالى عزا ونصرا، فتفرقت بعون الله جيوش أعاديه، واهتز بالسرور والحبور شريف ناديه وقتل من قتل من ندوة الأضداد، وتفرقوا عنه هاربين في سائر البلاد، فحينئذ اشتد عز الإمام، وقوي سلطانه فاستشار الإمام أولي الرأي السديد الكامل فاستحسن الإمام ذلك الرأي الرشيد واستبد به إذ هو الرأي الحميد، فعلم الأمير مانع بن سنان بتجهيز جيش الإمام عليه، وخشي هنالك من بأسه إذا أقدم عليه، فانهزم حينئذ مانع بن سنان من حصنه إلى فنجا، وظنها أنها ستكون له عن الإمام ملجأ، فوجه الإمام الجيوش لهدم حصن مانع في الخبر الأوكد، فمنذ تحقق قدوم الجيش إليه نزل من الحصن متوجها لمسكد، ثم توجه منها خارجا لبلد محمد بن جفير وهي لوى، وتابعه في صحيح الفتوى، وذلك أنه كان ليقضي الله أمرا وقال المصنف في ذلك شعرا:
=""
بمولانا الإمام نطول فخرا =ونعلو رتبة دنيا وأخرا
لقد من الإله علينا =فحمدا للإله معا وشكرا
فيا رحمن ذرة في نعيم =معا وأمدده فوق العمر عمرا
فطوبى لامرئ خمسا يصلي =على طول البقاء ويصوم شهرا
وجاهد في سبيل الله حقا =واخلص طائعا سرا وجهرا
صفحه ۱۹
فلا زال الإمام لنا إماما =نلوذ بجاهه ونشد أزرا فجد بنا يا ربنا حقا علينا =به كرما إذا ونصره نصرا
به الإسلام أضحى في سرور =وأهل الشرك قد يصلون جمرا
ألا يا أيها الباغي علينا =بسوء جهالة خذ منه حذرا
ولا تسلك طريق أولي المعاصي =فتلزم في القصاص هناك قهرا
فهال من عصبة تحميك عنه =ولو قطعت الأنضاء قفرا
إذا لم تخش عاقبة لفعل =هلكت ولو هناك بسط عذرا
أقام الهنا فيهم إماما =على التقوى فصار العسر يسرا
لقد فاق السموأل في وفاء =وأنصاف عدل فاق كسرا
فعش في نعمة والسعد جار =لنا من حادثات الدهر ذخرا
لقد دارت به الأعدا وكادت =تهد عليه أسورة وجذرا
وقد فرح الطغاة بما اعتراه =عشية ما احتواه الضد قسرا
فأيده الإله معا بنصره =وأسبل في الزحام عليه سترا
ووافاه محمد بن صلت =بجيش لا تطيق عليه حصرا
ومن بهلا ومن أزكي توافت =جيوش تكسر الأعداء كسرا
فولوا هاربين وما استطاعوا =معا أن يظهروه فحاز فخرا
قال الراوي لهذه المقالة والحاكي لهذه الدلالة:
ثم أن الإمام وجه جيشه لنحو سيف الهناوي، ووفقه الله لما هو ناوي، وقد كان سيف بقرية يقال لها بلاد سيت، وقد أشاد بها حصنا وإن سئل قال هو بيت، وذلك بعد أن نزل من حصن بهلا فيما قدره وقضاه الملك الأعلى، وكان أمير ذلك الجيش اللهام، وعمدة القلس القمقام الحبر النقي المؤيد، والهزبر المذحج الممجد، الشيخ عبد الله بن محمد، فلما أن وصل عبد الله بالجنود إليه وتحقق الهناوي بنزوله عليه، فلم يقع منه للقتال حركة، بل خرج من الحصن هاربا وتركه، فصالت عليه جنود الإمام، وأمر الوالي بهدمه بالتمام.
ثم أتى الهناوي يطلب من الإمام الغفران، فغفر له ولم يؤاخذه بالعصيان، فرجعت جيوش الإمام من بلد سيت منصورة، مؤيدة من الله مسرورة، ودانت للإمام جميع القبائل من عمان، وفرح المسلمون عند ذلك بالسلامة والأمان، فقلت شعرا وأنا الفقير لله المنان، وعبده عبد الله بن خلفان بن قيصر بن سليمان:
صفحه ۲۰
هنيئا بالسعادة والأمان =وبالسعد المنير من الزمان لقد عم الصلاح على البرايا =فلا في الناس مظلوما وعان
وذلك في ذرى أزكي إمام =على التقوى مقيم والبيان
إذا فهمت في مدحي إليه =تداركت القرائح بالمعاني
وإن فيه أحتجزت اللوح يوما =تسابقت القوافي في لساني
ولم أسطع لرسم من كلام =لكثرته يجود به جناني
لقد قمع الله الإله به المثاني =وآلات الملاهي والمغاني
وقد نسخ الضلال وكل بغي =بنص الآي والسبع المثاني
وقد خضعت له الرؤساء جميعا =أولوا الرتب الرفيعة والمباني
وقد ذلت لسطوته طغاة =وعم العدل في كل قاصي وداني
وكل مجاهد في الله حقا =لديه سوف يحظى بالجنان
يبوؤه إله العرش يوما =مبوأ صدق عند الأمان
أعد له الإله جنان خلد =وأمكنه مع الحور الحسان
عليه من لدنا كل حين =أجل التحية بل كل آن
وزينت الظنون لنحو سيف =لإبلاغ المطالب بالعيان
بنى حصنا له ببلاد سيت =ليملك بالظنون قرى عمان
أباد بناءه قدر قضاه =إله الخلق في قاص وداني
يدبر أمره في كل شيء =بحسب القصد مالله ثاني
قال الراوي لهذه السير المزبرات ولهذه العبر المحبرات:
ثم عزم الإمام على جمع الجحافل، من أعلى الأماكن والأسافل، قد غصت به الأندية والمحافل، وسار الإمام العادل العالم العامل بنفسه، والشيخ خميس بن سعيد إذ هو من أبناء جنسه، ونبراس ناديه المفضل ومقياس أنسه، قاصدين بلاد ينقل إذ هي في ملك ابن خير ناصر بن قطن، وذلك مما ظهر من الروايات وما بطن، فحصرها الإمام وافتتحها، وجعل فيها واليا من لدنه فأصلحها، ورجع منها مسرورا لقرية الرستاق، مؤيدا منصورا من الخلاق.
قال الراوي لهذه الأحوال المبدعات والأقوال المخترعات:
صفحه ۲۱