صراط مستقیم
الصراط المستقيم إلى مستحقي التقديم - الجزء1
ژانرها
إن قيل لا تكون السمعيات ألطافا في العقليات إلا إذا علم المكلف كونها ألطافا وداعية وذلك منتف قلنا لا نسلم وجوب علمه بكونها ألطافا وداعية إذ يجوز أن يعلم الله أن مجرد التكليف بها موجب للانقياد إلى تلك على أن العقليات قد يتباعد زمانها كقضاء الدين ورد الودائع والقيام بجزاء الصنائع فتقع الغفلة عن الله فلا بد من مذكر وهو السمعي.
إن قلت لو كانت السمعيات لطفا لتقدمت على العقليات لوجوب تقدم اللطف ولو تقدمت لزمت الدور فإن السمعيات إنما تثبت بعد العلم بثبوت الخالق وما يتوقف عليه الإرسال من صفاته قلنا المتقدم هو العلم بالعقليات والسمعيات لطف في العمل بها على أنا نمنع تقدم العقليات في الخارج على السمعيات وإنما تقدمت في الذهن عليها فإن العقل لانغماره في الشهوات قد لا يتنبه لتلك المعارف ولا يهتدي لوجوهها ومع الرسول بها وإيجابها يتنبه لها ويقرب من تحصيل طرقها فيكون النبي لطفا فيها وأيضا فالقدرة على البعثة والداعي إليها حاصلان فتجب لاشتمالها على المصالح والصارف منتف لانتفاء وجوه المفاسد وأيضا فاجتماع النوع ضروري وهو مجبول على التغالب فيقع التجاذب فيقع القتل فيقع العدم المناقض لمراد الخالق من الوجود فيجب رده إلى قانون مقبول هو الشرع والآتي به النبي المميز عنه بالمعجزة فوجب النبي وله وجه يتلقى به الوحي الإلهي وآخر يخاطب به النوع الإنساني وليس لرعيته هذان الوجهان إن قلت لم لا يكون لكل فرد ما للنبي فيستغني عنه قلت الإرسال أعظم في تجليل المرسل مما ذكرت إذ في عادة الملوك إرسال الرسل والحجاب والاحتجاب عن الرعية ليعظم في أعينهم ولذا أوصى المعلم الأول أرسطاطاليس الملك الإسكندر بأن لا يظهر على الرعية إلا نادرا فجرى الرب الحكيم على ذلك في إرساله لازدياد تعظيمه.
إن قلت هذا يوجب خفض منزلته عند رسوله قلت للرسول نفس قدسية لا يتخيل سقوطه عنده.
صفحه ۴۱