سيرة الملوك التباعنة: في ثلاثين فصلا

شوقی عبد الحکیم d. 1423 AH
127

سيرة الملوك التباعنة: في ثلاثين فصلا

سيرة الملوك التباعنة: في ثلاثين فصلا

ژانرها

واصلت تحسس جبهته، وتحسست بيدها الأخرى تلك الرسالة المطوية بين طيات ملابسها، كمثل حية. - الجميع بانتظارك من كل صوب.

أغلق الملك عينيه مشيحا، لا يعرف له جوابا.

عندئذ حاولت قمرية استجماع شجاعتها وما عرف عنها من إقدام لتفضي إليه بمحصلة تلك الأنباء الخطيرة التي حملها الرسل.

لا منقذ لشعبك ورعيتك سواك. - أنا، كيف ... على هذا النحو ... آه ... ليتني بقادر يا قمرية.

وحين أسلم جفنيه للنعاس انسلت قمرية في نعومة مبتعدة عن الفراش. - نام.

أرخت من فورها ستائر الشرفات، وأشارت بيدها دون صوت إلى جوقات الموسيقيين والمنشدين، الذين يتغنون بمآثر الملك في تنسيق رتيب أصبح في أيامه الأخيرة لا يخلو من الحزن الذي تحول إلى إيقاعات المراثي والبكائيات، فأخفتوا من فورهم من غنائهم الجماعي وإنشادهم، حتى تلاشت أصواتهم تماما.

واندفعت قمرية مغلقة باب قاعة مخدع الملك التبع، متجهة من فورها إلى حيث يقف يثرب وكبار رجالات البلاط والأمراء، ورهط هائل من رسل البلدان والأقوام التابعة والحكماء وشيوخ القبائل والعشائر، وقد حط على رءوسهم الطير جميعهم بانتظار ردها.

استخرجت المكتوب المطوي من بين طيات ملابسها مشيرة له في أقصى كمدها وحيرتها. - لم أقدر. - وما العمل؟

قاربها يثرب: لن ينقذ الملك وينقذنا جميعا سوى التحدي.

اختلى بها باتجاه الشرفات الجنوبية للقصر، القلعة، مشيرا مهددا. - من هنا يمكن أن تشهدي بعينيك ما نحن فيه: بيارق الأحباش.

صفحه نامشخص