ثمَّ خلى عنة فَصَارَ إِلَى الْمنزل وَوجه إِلَيْهِ الرجل من السجْن مِمَّن يبصر الضَّرْب والجراحات يعالج مِنْهُ فَنظر إِلَيْهِ فَقَالَ قَالَ لنا وَالله لقد رَأَيْت مِنْهُ ضرب السيوط مَا رَأَيْت ضربا اشد من هَذَا لقد جر عَلَيْهِ من خَلفه وَمن قدامه ثمَّ ادخل ميلًا فِي بعض تِلْكَ الْجِرَاحَات
فَقَالَ لم ينفل فَجعل يَأْتِيهِ فيعالجه وَقد كَانَ أصَاب وَجهه غير ضَرْبَة ثمَّ مكث يعالجه مَا شَاءَ الله ثمَّ قَالَ لَهُ إِن هَذَا شَيْء أُرِيد أَن اقطعه فجَاء بحديدة فَجعل يعلق اللَّحْم بهَا ويقطعه بسكين مَعَه وَهُوَ صابر يحمد الله لذَلِك فبرأ مِنْهُ وَلم يزل يتوجع من مَوَاضِع مِنْهُ وَكَانَ اثر الضَّرْب بَين فِي ظَهره إِلَى أَن توفّي رَحْمَة الله علية
سَمِعت أبي يَقُول وَالله لقد أَعْطَيْت المجهود من نَفسِي ولوددت أَن أنجو من هَذَا الْأَمر كفافا لَا عَليّ وَلَا لي
قَالَ أَبُو الْفضل اخبرني أحد الرجلَيْن اللَّذين كَانَا مَعَه وَقد كَانَ هَذَا الرجل صَاحب حَدِيث قد سمع وَنظر ثمَّ جَاءَنِي بعد فَقَالَ يَا ابْن أخي رَحْمَة الله على أبي عبد الله وَالله مَا رَأَيْت أحدا - يَعْنِي - يُشبههُ
لقد جعلت أَقُول لَهُ فِي وَقت مَا يُوَجه إِلَيْنَا الطَّعَام يَا أَبَا عبد الله أَنْت صَائِم وَأَنت فِي مَوضِع تقية وَلَقَد عَطش فَقَالَ لصَاحب الشَّرَاب ناولني فَنَاوَلَهُ قدحا فِيهِ مَاء ثلج فَأَخذه فَنظر إِلَيْهِ هنيهة ثمَّ رده عَلَيْهِ
قَالَ فَجعلت اعْجَبْ من صبره على الْجُوع والعطش وَمَا هُوَ فِيهِ من الهول
1 / 64