فَقَالَ جَاءَنِي أمس رجل كنت احب أَن ترَاهُ بَيْنَمَا أَنا قَاعد فِي نحر الظهيرة إِذا بِرَجُل يسلم بِالْبَابِ فَكَانَ قلبِي ارْتَاحَ لَهُ فَقُمْت ففتحت الْبَاب فَإِذا أَنا بِرَجُل عَلَيْهِ فَرْوَة وعَلى أم رَأسه خرقَة مَا تَحت فَرْوَة قَمِيص ولامعة ركوة وَلَا جراب وَلَا عكاز قد لوحته الشَّمْس فَقلت ادخل فَدخل للدهليز
فَقلت من أَيْن أَقبلت _
قَالَ من نَاحيَة الْمشرق أُرِيد بعض هَذِه السواحل وَلَوْلَا مَكَانك مَا دخلت هَذَا الْبَلَد إِلَّا أَنِّي نَوَيْت السَّلَام عَلَيْك قلت على هَذِه الْحَال - قَالَ نعم ثمَّ قَالَ لي مَا الزّهْد فِي الدُّنْيَا قلت قصر الأمل قَالَ فَجعلت اعْجَبْ مِنْهُ فَقلت فِي نَفسِي وَمَا عِنْدِي ذهب وَلَا فضَّة فَدخلت الْبَيْت فَأخذت أَرْبَعَة أرغفة فَخرجت إلية فَقلت مَا عِنْدِي ذهب وَلَا فضَّة وانما هَذَا من قوتي
قَالَ أَو يَسُرك يَا أَبَا عبد الله أَن اقبل ذَلِك قَالَ قلت نعم
قَالَ فَأَخذهَا فوضعها تَحت حضنه وَقَالَ ارجوا أَن يَكْفِينِي زادا إِلَى الرقة استودعك الله
قَالَ فَلم أزل قَائِما انْظُر إِلَيْهِ إِلَى أَن خرج من الزقاق وَكَانَ يذكرهُ كثيرا
وَكنت أسمع أبي كثيرا يَقُول اللَّهُمَّ سلم سلم
حَدثنَا صَالح قَالَ فَحَدثني أبي قَالَ حَدثنَا يُونُس بن مُحَمَّد
1 / 47