وأبدل حزنكم بالانشراح
قولي الهلال النصر جاهم
نهار الأحد أعزم الراحي «قال الراوي: فلما فرغ دياب كلامه وأمه تسمع نظامه فرحت، وقالت: يا غانم، مرادنا نسير؛ لأن بني هلال في انتظار. فقال: تأهبوا حتى نسير، وتعلم بني هلال أن دياب يحضر يوم الأحد عندهم. فركبوا وساروا حتى وصلوا إلى بني هلال، فطلعوا الجميع ملاقاتهم، فكانت ضجة قوية، فنظروا غانم وحرمته وحده، فقالوا: أين دياب؟ فقال غانم: أبشروا بالغنيمة يا بني هلال، نهار الأحد يصل إلى عندكم، وأما دياب بعد ما راحوا والديه من عنده أمر الرعيان بلم البوش من كل جانب ومكان، وساروا الجميع قدامه، وسار طالب بني هلال وفرسانه الذين معه قلعوا الصوان، وأمر العكام بسيفه وبنصبه على أبواب تونس في نصف الميدان، ودق طبول ونشر أعلامه، وسار حتى بقي بينه وبين هلال يوم كامل، وكانوا جميعهم في انتظاره.» «وثاني يوم الأحد خرجوا الأربع تسعينات ألوف وتابعيهم، ولاقوه وما فضل من هلال لا كبير ولا صغير، حتى طلع ملتقى الأمير دياب وخرجوا بالطبول والنوبات السلطانية، وزالت عنهم الهموم بقدوم دياب، وأدخلوه إلى الحي بنوبة سلطانية عظيمة.» «وأما أهل القتلى، فإنهم اجتمعوا على التراب، وهم في الواد وأثواب الحداد لكي يشكوا إلى دياب ما فعل الزناتي بهم .» «أما حسن وأبو زيد ظلوا في الصيوان ما خرجوا إلى الخيام، وأما دياب لما وجد حسن وأبو زيد عرف المضمون، وإنما أخمد الكمد، وأظهر الصبر والجلد، ولم يزل سائرا في الموكب العظيم حتى وصل إلى أبواب تونس، فرجت منه تلك الأرض في طولها والعرض، وطلعت الحريم على الأسوار للفرجة على الزينة، وارتعدت من الزناتي خليفة، ومن عنده القلوب، وانحلت المفاصل وقال: الله يعينا على حربه. وأما دياب رفع رأسه إلى سور تونس، فوجد رءوس الأمارة ثمانين رأس مشكوكين على الرماح، فسأل: من يكونوا هؤلاء، فقال له عمه عرنديس: هؤلاء رءوس بني هلال الذين قتلهم الزناتي وهم أولاد عمك، فقال: كل هذا جرى في غيابي! وظل سائرا إلى التربة، فلاقوه أهل القتلى والبنات، وشالوا البراقع، وحدفوها إلى دياب، فطيب خاطرهم وأنشد يقول:
قال أبو موسى دياب المفتخر
فارس الهيجاء وخيال الوعر
حامي الزينات سور المحصنات
مفرج الكربات في يوم العسر
منبه الخطار في من الفلا
مشبع الجيعان (الجوعان) زاكي منتشر
زال عنكم همكم يا ذا البنات
صفحه نامشخص