أما الداعي الإسماعيلي إدريس الموالي للصليحيين فيزعم في كتابه: العيون أن الشريف الفاضل هو الذي نقض العهد مع المكرم بتهديده لصنعاء خلال غياب الصلحيين عنها، وهو يعتبر ذلك من أسباب تخلي المكرم عن ملاحقة سعيد الأحول، وإسراعه في العودة إلى صنعاء(1). لكن مؤلف السيرة يصر على رعاية الفاضل لتعاقده مع الصليحيين، ويتهمهم بنقض العهد بمجرد فوزهم على الأحول وعودتهم من زبيد. والحق أن الاتهامات ضد الشريف الفاضل لها ما يسوغها في استمراره في الإعداد للإغارة على صنعاء كما سبق أن اتفق على ذلك مع سعيد الأحول، لكن لا شك أن ذلك كان من جانبه لاحتمال انتصار الأحول على الصليحيين. وكان رسولاه إلى سعيد الأحول قد عادا من زبيد بتفاصيل حول الحملة المشتركة وكان هو لا يزال مرابطا بخرفان(2)، وما كادا يصلان إليه حتى بلغته أخبار هزيمة سعيد وهربه(3). وسارع الشريف الفاضل بالانسحاب إلى عيان. ولذا كان بوسعه الادعاء أنه لم يخالف شروط التعاقد مع الصليحي، وأن الصليحيين هم الذين بدأوا بالهجوم. وكان الصليحيون من جانبهم عقب عودتهم من تهامة قد فقدوا الاهتمام بالحفاظ على العهد مع الفاضل أو تجديده وبخاصة أن ذلك العهد تضمن تنازلات عن أراض وبلاد للشرفاء اضطر إليها الصليحيون لكي لا يقاتلوا على جبهتين. سارع الصليحيون بمجرد عودتهم للإغارة على الجوف الأعلى فخربوا الحدائق والكروم، وقطعوا أشجار النخيل، وكتبوا رسالة إلى بني الدعام يتهددونهم فيها، ويحاولون صرفهم عن الاستمرار في الانتصار للشرفاء. ولم يتراجع بنو الدعام بل أعلموا الشريف الفاضل بما كان، ورفضوا عرض الصليحيين للتقارب معهم. ونجح المكرم الصليحي أكثر مع بني ذيبان الذين هزمهم وأرغمهم على عقد معه لمساعدته عسكريا، والامتناع عن مساعدة الأشراف أو إيوائهم(1).
صفحه ۲۵