قصة انصراع الحصان بأمير المؤمنين عليه السلام في يوم الجمعة
قال الراوي: ولما عزم أسد الدين على التوجه وحضر يوم الجمعة في تلك الأيام تأهب أمير المؤمنين للصلاة وسار به المسلمون كما جرت به العادة [63أ-أ] وقدم له حصانه المعروف بالمحيا وهو من أجود فرس في زمانه وكان لأمير المؤمنين فيه فضيلة وهو أنه إذا ركبه لم يترك أحدا يكاد يقرب الإمام عليه السلام، فإذا ركبه غير الإمام همد ولم يفعل شيئا من ذلك، فلما قدم لأمير المرؤمنين ليركبه وكاد أن يستوي على ظهره وفيه شكالة تقوم بأمير المؤمنين وسقط على مؤخره، ثم على صافحته فصدم أمير المؤمنين صدمة عظيمة في أنفه ووجهه ورض رجله ولا يتصور من رآه أنه يسلم فمن الله على المسلمين بعافيته وسلامته ودخل إلى منزل من منازل الدار غشي عليه وغلقت الأبواب ساعة وأفاق بعد روعة عظيمة وقعت في أهل الدار، ثم أمر القاضي الأجل مجد الدين يحيى بن عطية أن يصلي بالناس فلما قضى الناس الصلاة على شغل خاطر قصدوا بأجمعهم إلى الدار وكاد الناس أن يأخذ بعضهم فأمر أمير المؤمنين بفتح الأبواب لينظره الناس فلما رآه المسلمون سالما حمدوا الله تعالى وقرت خواطرههم وقال في ذلك اليوم الشيخ مفضل بن يحيى إليهم شعرا:
هو الشط من صنعاء التي كنت تعهد
وباب دمشق والعراص التي زهت
وذا المنظر النضر الذي في رياضه
أفانين شتى فكنت فكأنها
إذا أضحكت زاد الضحى خلت أنها
يروقك منه أصفر ومعصفر
وأزرق محجوب وأشهب مذهب
رياض يروح الروح منها ويغتدي
تبارى به الأنهار جريا كأنها
وكم بين عضدان وغضران والحما
إلى الفرع من سعوان لا ريع سرحه
فقد بين من تلقا سناع وحدة
ميادين خيل كالسرا حين ضمر
هنالك أرخى الجود صوب عناده
نعم هذه الدنيا وهذا نعيمها
وذا ابن الحسين القاسمي الذي له
إمام ملوك الأرض حول رواقه
أنابوا إلى الرحمن خوف انتقامه
أقول وقد قابلت غرة وجهه
أدام لك الله البقاء مخلدا
وظلك ممدود وسعدك طالع
فكم راتع في روض جودك آمن
فللضيف من أرائك الفضل والحياء وكم منة طوقتها وصنيعة
صفحه ۲۰۲