قصة نهوض أمير المؤمنين من نجر
ثم إن أهل صنعاء ومن فيها من الأمراء الغز وغيرهم لما قرب الأمير شمس الدين من بلاد وبلغهم العلم أن الإمام على أمر النهوض بالعساكر التي لا قبل لهم بها أقبل الأكثر منهم إلى الإمام طالبا للأمان لأنه أبرق العفو فلم ير أمير المؤمنين إلا قبول من أقبل إليه أو طلبه من أهل صنعاء ومن قال بقولهم من الغز، وكتب لهم الأمان وأمرهم بالرجوع وإشعار الناس ذلك وتعريفهم أنه لا يريد عليه السلام إلا رفع المناكر والجهاد في سبيل الله تعالى ورفع يد الجور والظلم ودعاء الناس إلى دين الله تعالى وإقرار الشافعية المحققين على مذاهبهم والانتقام من القرامطة وإحرابهم، والانتصاف للمظلومين من الظالمين، وإذاقة المسلمين برد ظلال العدل، فلما سمعوا ذلك من أمير المؤمنين عليه السلام امتلأت قلوبهم فرحا وحمدوا الله تعالى ورجعوا إلى صنعاء وأظهروا ذلك، فلما علم أسد الدين بذلك نهض عن صنعاء إلى حصنه براش بمن معه من مماليكه ومن لا يرى بفراقه من أجناده وخدامه، ثم نهض أمير المؤمنين عليه السلام من نجر.
قال السيد شرف الدين يحيى بن أبي القاسم: أمرني أمير المؤمنين عليه السلام من نجر بالوقوف في حصن ذروة فلما تقدم عليه السلام لفتح صنعاء وسار الجيش حتى قرب من صنعاء كتب إلى أمير المؤمنين كتابا من محاسن الكتب فيه عبقة من الكلام النبوي بديع الألفاظ رائق المعاني يأخذ بمجامع القلوب يذكر فيه مسير عساكر الحق مرحلة مرحلة وصفة البلاد التي وطيتها بحدائقها وأنهارها، ثم ذكر صنعاء وبهجة منظرها وإقبال المواكب إليه وما اجتمع فيها من تكاثر العدد وبريق العدد، وهذا هو موضع نسخة الكتاب.
فلما اجتمعت العساكر أمر أمير المؤمنين الأمير الكبير شمس الدين أحمد بن الإمام المنصور بالله عليه السلام بالمحطة عند باب اليمن وحط عليه السلام مقابلا لباب السبحة قريبا من الدار السلطانية وبستانها حتى استقرت أمور الناس.
صفحه ۱۹۴