العدو وحضر مجالس اللهو. ومن فعل ذلك فقد خرج عن أن يكون ساعيا في خراب الدنيا وبوار الناس، وليس يجب أن لا يكون كذلك حتى يكون مغرقا في الشهوات. ونحن وإن كنا غير مستحقين لاسم الفلسفة بالإضافة إلى سقراط فإنا مستحقون لاسمها بالإضافة إلى الناس غير المتفلسفين وإذ قد جرى في هذا المعنى ما جرى فلنتم القول في السيرة الفلسفية لينتفع بها محبو العلم ومؤثروه
فنقول: إنا نحتاج أن نبني أمرنا فيما هو غرضنا المقصود في هذه المقالة على أصول قد تقدم بياننا لها في كتب أخر لا بد من الاستعانة لتخفيف ما في هذه المقالة بها. فمنها كتابنا في العلم الإلهي وكتابنا في الطب الروحاني" وكتابنا في عذل من اشتغل بفضول الهندسة من الموسومين بالفلسفة وكتابنا الموسوم بشرف صناعة الكيمياء ولا سيما كتابنا الموسوم بالطب الروحاني، فإنه لا غنى عنه في استتمام غرض هذه المقالة والأصول التي عليها فروع السيرة الفلسفية ونأخذها هاهنا ونقتضبها اقتضابا. وهي: أن لنا حالة بعد الموت حميدة أو ذميمة بحسب سيرتنا كانت مدة كون أنفسنا مع أجسادنا، وأن الأمر الأفضل الذي له خلقنا وإليه أجرى بنا ليس هي إصابة اللذات الجسدانية بل اقتناء العلم واستعمال العدل اللذين بهما يكون خلاصنا عن عالمنا هذا إلى العالم الذي لا موت فيه ولا ألم، وأن الطبيعة والهوى يدعواننا إلى إيثار اللذة الحاضرة وأما العقل فكثيرا ما يدعونا إلى ترك اللذات الحاضرة لأمور يؤثرها عليها، وأن المالك لنا الذي منه نرجو الثواب ونخاف العقاب ناظر لنا رحيم بنا لا يريد إيلامنا ويكره لنا الجور والجهل ويحب منا العلم والعدل فإن هذا
صفحه ۱۰۱