فإن قلت: ما بالنا نسمى هذا الجنس من الأسباب حافظا، والأولى كان يسمى نافلا، وشافيا، ومصلحا للأوقات الطبيعية؟ قلنا إنا نضيف هذه الأسباب إلى جنس الصحة، لا إلى أصنافها، ونسمى جميع الأسباب التى تحفظ أبدان الأصحاء على صحتها حافظة، كانت مما مع حفظها للصحة تنقل المزاج بأسره إلى الذى هو أفضل، أو كانت مما يحفظ المزاج على حاله الأولى. ونسمى جميع الأسباب التى تنقل المزاج إلى ما هو أردئ أسبابا ممرضة. وإذا كان المزاج الردئ فى جميع الأعضاء واحدا، فمداواته واحدة.
وإذا كان المزاج الردئ ليس فى جميع الأعضاء واحدا فليس مداواة ذلك البدن مداواة واحدة. وذلك أنه قد يمكن أن تكون المعدة أبرد مما ينبغى، والرأس أسخن مما ينبغى، فيحتاج كل واحد منهما إلى ما يوافقه. وكذلك أيضا الحال فى كل واحد من سائر الأعضاء إذا كان أرطب من المزاج المعتدل، أو أجف منه، أو أبرد، أو أسخن، فإنه يحتاج من التدبير إلى ما يوافق مزاجه. فيجب متى كان مزاج أعضاء البدن مختلفا أن تكون رياضة أعضاء البدن كلها بالسواء، ولا يكون ترطيبها، أو تجفيفها، أو غير ذلك مما يفعل بها على مثال واحد.
وسنشرح ذلك شرحا أكثر من هذا فى كتابنا فى تدبير الأصحاء.
[chapter 26]
صفحه ۱۲۷