ومما فعله الشاه عباس الصفوي للنهضة بصناعة الخزف في إيران أن أحضر كثيرا من الخزفيين الصينيين مع أسراتهم إلى مملكته؛ لينشروا فيها تلك الصناعة حتى يمكن إصدار الخزف والصيني إلى أوروبا، فتحصل إيران على الأرباح الطائلة التي كانت تتدفق إلى الشرق الأقصى، وقد استقر هؤلاء الفنانون في مدينة أصفهان.
وكان تجار التحف الصينية ينزلون مدينة أردبيل في العصر الصفوي، كما قدم إلى شتى المدن الصناعية الإيرانية خزفيون من الصين يعرضون خدماتهم على أصحاب المصانع الفنية فيها ويساهمون في النهضة بصناعة الخزف الإيراني.
وروى بعض الرحالة أن تاجرين صينيين كان لهما حانوت لبيع الخزف الصيني بمدينة أردبيل في بداية القرن العاشر الهجري (السادس عشر الميلادي).
26
ولا يفوتنا قبل ختام الحديث عن التحف الصينية في العالم الإسلامي أن المسلمين كانوا يستوردون من الصين أنواع الورق الصيني الفاخر، مما استعملوه في بعض مخطوطاتهم الثمينة، ومن المعروف أن أتباع الحلاج في القرن الرابع الهجري (العاشر الميلادي) كانت لديهم مخطوطات من الورق الصيني الجميل مكتوب بعضها بمداد ذهبي وذات جلود لطيفة ومحفوظة في نسيج من الحرير.
27
بقي أن نشير إلى أتباع المذهب المانوي؛ فقد كانوا صلة بين الشرقين الأقصى والأدنى، وقد كان الخلفاء يضطهدونهم كما فعل الأكاسرة الساسانيون من قبلهم، وفر المانويون من هذا الاضطهاد في القرن الثاني الهجري (الثامن الميلادي)، واستقروا في إقليم تركستان وغيره من أقاليم آسيا الوسطى.
والمعروف أن ماني بشر بدين جديد في إيران إبان القرن الثالث الميلادي، وكان مصورا ماهرا، كما كان للتصوير عنده وعند أتباعه شأن كبير في توضيح كتبهم الدينية، وتدل المصادر الأدبية والتاريخية في الشرق والغرب على أن أتباعه كانت لديهم مخطوطات مصورة فاخرة ومحفوظة في جلود فنية ثمينة، ولكن اضطهاد هؤلاء القوم قضى على مخلفاتهم الفنية، حتى إننا لم نكن نعرف عنها شيئا ماديا إلى سنة 1904 حين كشف الأستاذان فون لوكوك
Von le Coq
وجرينفيدل
صفحه نامشخص