والمعروف أن العرب حين فتحوا فرغانة وجدوا فيها شيئا كثيرا من بدائع التحف الصينية، ولا غرو فإن هذه الأقاليم تقع على مقربة من حدود الصين، وكان أهلها متصلين بالصين منذ العصور القديمة، كما أن صناعا من الصينيين كانوا بين الأسرى الذين وقعوا في يد العرب حين فتحوا تلك الأصقاع.
وقد أشار الطبري إلى بعض طرف الصين حين ذكر فتح مدينة كش من أعمال سمرقند على يد خالد بن إبراهيم والي بلخ سنة (134ه/751م)، فقال:
وفي هذه السنة غزا أبو داود خالد بن إبراهيم أهل كش، فقتل الأخريد ملكها ... وأخذ أبو داود من الأخريد وأصحابه حين قتلهم من الأواني الصينية المنقوشة المذهبة التي لم ير مثلها، ومن السروج الصينية ومتاع الصين كله من الديباج وغيره، ومن طرف الصين شيئا كثيرا.
1
وكان في بغداد منذ نهاية القرن الثاني الهجري (الثامن الميلادي) سوق خاصة لبيع التحف الصينية. وقد كتب اليعقوبي في وصف بغداد:
وينقسم طرق الجانب الشرقي - وهو عسكر المهدي - خمسة أقسام، فطريق مستقيم إلى الرصافة الذي فيه قصر المهدي والمسجد الجامع، وطريق في السوق التي يقال لها: سوق خضير، وهي معدن طرائف الصين.
2
وفي المصادر الصينية نص تاريخي يشير إلى وجود فنانين صينيين بمدينة الكوفة في منتصف القرن الثامن الميلادي، فإن الكاتب الصيني «توهوان» كان في الأسر عند العرب سنة 751م، ونجح في الهرب سنة 762؛ ففر على سفينة تجارية إلى كنتون، ومنها إلى وطنه سينجان فو، ثم تحدث عن مدينة الكوفة في كتاب له، وذكر أن صناعا من بني وطنه كانوا أسرى فيها وأنهم علموا الصناع المسلمين نسج الأقمشة الحريرية الخفيفة، وصناعة التحف الذهبية والفضية، فضلا عن النقش والتصوير.
3
وقد يكون في حديث هذا الكاتب الصيني شيء من المبالغة، ولكن له مغزاه على كل حال.
صفحه نامشخص