نشبّهها في الطول ببراءة فرفعت وحفظ منها " لو أن لابن آدم واديين من مال لابتغى إليهما ثالثًا، ولا يملأ جوف ابن آدم إلاّ التراب، ويتوب الله على من تاب ". وكما روى أصحاب الزهري عن الزهري عن أبي أمامة ابن سهل بن حنيف أن رهطًا من الأنصار من أصحاب النبيّ ﵇ أخبروه أن رجلًا قام في جوف الليل يريد أن يفتتح سورة قد كان وعاها فلم يقدر منها على شيء فأتى باب النبي صلى الله عليه حين أصبح يسأله عن ذلك ثم جاء آخر وآخر حتى اجتمعوا فسأل بعضهم بعضًا ما جمعهم فأخبر بعضهم بعضًا بشأن تلك السورة ثم أذن لهم النبي ﵇ فأخبروه وسألوه عن السورة فقال: نسخت البارحة، فنسخت من صدورهم ومن كل شئ كانت فيه. وقال آخرون منهم عطاء وغيره: ما ننسخ أي ما نكتبه لمحمد من اللوح ويقوّي هذا التأويل قراءة ابن عامر ما ننسخ أي ما ننسخك يا محمد. واختلفوا في قوله تعالى أو ننسها فقال الحسن وغيره هو من النسيان الذي يذهب بقراءتها من أصلها وبعملها فهو كالنسخ في أحد القولين. وقال السدّي معنى أو ننسها أي نتركها محكمة لا نبدّل حكمها ولغيّر فرضها وهو مروي عن ابن عباس، ويقوّي هذا التأويل قراءة من قرأ أو ننسها بفتح النون ومنه قوله سبحانه " نسوا الله فنسيهم " أي تركوه فتركهم لأن الله ﷿ لا يضلّ ولا ينسى. وقد أنكر قوم أن يكون الله ﷿ ينسى نبيّه شيئًا مما أوحى إليه واحتج بقوله " ولئن شئنا لنذهبنّ بالّذي أوحينا إليك " فلم يشإ الله أن يذهب منه بشيء. واحتج آخرون في جواز ذلك بقوله تعالى " سنقرئك فلا تنسى إلا ما شاء الله ". والآيتان محكمتان إخبار خرج مخرج العموم إلا ما خصّ منه الاستثناء في الواحدة ويقوّي هذا أن عائشة قد روت أن النبي ﷺ مرّ برجل يقرأ القرآن فقال: رحم الله هذا أذكرني آية كنت أنسيتها وأنه صلّى
1 / 6