Silsilat Al-Adab - Al-Munjid

Muhammad Salih Al-Munajjid d. Unknown
82

Silsilat Al-Adab - Al-Munjid

سلسلة الآداب - المنجد

ژانرها

أناس عرفوا قيمة الجوار ويروى أن جارًا لـ ابن المقفع أراد بيع داره في دين ركبه، وكان ابن المقفع يجلس في ظل داره، فقال: ما قمت إذًا بحرمة ظل داره إن باعها معدما، فدفع إليه ثمن الدار وقال: لا تبعها. وكذلك يروى أن رجلًا أراد أن يبيع داره، فلما أراد المشتري أن يشتري، قال: لا أسلمك الدار حتى تشتري مني الجوار، قال: جوار من؟ قال: جوار سعيد بن العاص. جاره أراد أن يبيع بيته، فمن غلاوة الجوار، قال: أنا أبيع بيتي وأبيع الجوار، من الذي يشتري جوار سعيد بن العاص؟ وتزايدوا في الثمن، فقال له شخص: هل رأيت أحدًا يشتري جوارًا أو يبيعه؟ قال: ألا تشترون جوار من إن أسأت إليه أحسن إليّ، وإن جهلت عليه حلم عليّ، وإن أعسرت وهب لي حاجتي، فبلغ ذلك سعيد بن العاص، فبعث إليه بمائة ألف درهم. فكان الجار يباع قبل الدار، قالت امرأة فرعون: ﴿رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا﴾ [التحريم:١١] عندك أولًا ثم بيتًا. أين هؤلاء من أكثر جيران زماننا، الذي لا تكاد تهدأ أذيتهم وشتائمهم وسبهم وهجرانهم ومشاجراتهم وتقاطعهم وكيد بعضهم لبعض رجالًا ونساءً وأولادًا؟! قال بعض من بلي بجار السوء: ألا من يشتري جارًا نئومًا بجار لا ينام ولا ينيم ويلبس بالنهار ثياب نسك وشطر الليل شيطان رجيم يقول: أريد جارًا ينام، فأنا جاري لا ينام بل يسعى في الشر. قال علي بن أبي طالب للعباس: ما بقي من كرم إخوانك؟ قال: الإفضال على الإخوان، وترك أذى الجيران. وقال بعضهم: سقيًا ورعيًا لجيران نزلت بهم كأن دار اغترابي عندهم وطني إذا تأملت من أخلاقهم خلقًا علمت أنهم من حلية الزمن فالجيران خصوصًا في بلد الغربة، كهؤلاء الجيران الذين جاءوا من بلدان أخرى للعمل في هذه البلاد، أناس جاءوا من مصر والشام واليمن وأفريقيا وباكستان والهند ومن غيرها، فما الذي يهون عليهم المعيشة في بلد الغربة؟ إن أهم شيء -في الحقيقة- يهون عليهم لهو الجار، إذا كان جاره طيبًا ظن كأنه في وطنه، كما قال هذا الرجل: سقيًا ورعيًا لجيران نزلت بهم كأن دار اغترابي عندهم وطني كأني أصبحت في وطني، بل يمكن أحسن، وهذا بسبب هؤلاء الجيران. مما رأى من الخير أصبح مثل وطنه أو أحسن.

4 / 25