228

سلك الدرر

سلك الدرر

ناشر

دار البشائر الإسلامية

ویراست

الثالثة

سال انتشار

١٤٠٨ هـ - ١٩٨٨ م

محل انتشار

دار ابن حزم

تسع عشرة ومائة وألف ونشأ بها في كنف والده العلامة الكبير أبي محمد عبد الله الشهير بالوصاف وقرأ واشتغل بالفنون وسمع الكثير واكب على التحصيل وأخذ الخط المنسوب المعروف بالتعليق عن رئيس هذه الصناعة في وقته المولى رفيع مصطفى الكاتب رئيس الاطبا ومهر وتفوق وجود الخط وأتقنه واعطاه الله القبول والذكاء وأكثر من مطالعة كتب اللغة والأدب ونظم ونثر بالألسن الثلاث واشتهر من حين شبيبته ودرس على عاداتهم وتنقل في التداريس العلمية ثم ولي قضاء الغلطة ولما ولي والده مشيخة الاسلام في الدولة تزايد قدره وعظم حاله وكان والده من أفراد الزمان علمًا وأدبًا وجاهًا ولقب بالايراني لكونه أرسل سفيرًا ورسولًا من طرف الدولة العثمانية إلى الدولة الايرانية أيام الخارجي الشهير نادر علي شاه المنبوزبطهما سب قولي خان سلطان العجم ثم أعطى المترجم قضاء مكة وبعدها قضاء قسطنطينية بالرتبة ولم يتصرف بالقضاء بل بالرتبة كما هو داب الدولة العثمانية ثم أعطى قضاء عسكر أناطولي وباشر الأحكام وبعد انصرافه وعزله ولي قضاء عسكر روم ايلي سنة ست وسبع وثمانين ثم في سنة تسعين ومائة وألف ولاه السلطان الأعظم أبو النصر غياث الدولة والدين عبد الحميد خان مشيخة الاسلام وصار مرجع الخاص والعام وأفتى وأفاد واشتهر في الأمصار والبلاد وامتدحه الشعراء وأقبلت عليه الأدباء وكان حسن الأخلاق عالمًا محققًا أديبًا أريبًا حسن النظم والنثر لطيف الصحبة والمذاكرة كثير اللطائف والنوادر ولما دخلت إلى قسطنطينية في صفر سنة اثنين وتسعين ومائة وألف كان شيخ الاسلام فذهبت إليه مع قاضي دمشق المولى محمد أمين ابن شيخ الاسلام ولي الدين المفتي ولما رآني قام واقفًا وقال أهلًا ومرحبًا بابن شيخنا رحم الله جدك سيدنا الاستاذ الشيخ مراد اجتمعت به وقبلت يده وتشرفت بزيارته ولما مات سنة اثنين وثلاثين ومائة وألف حضرت غسله وجنازته والصلاة عليه ولم أر مدة عمري أبيض من جسده جسدًا ولا أطرى منه وكان بالمجلس حاضرًا المولى اسحق بن محمد المنلاجق قاضي عسكر انا طولي فأثنى هو أيضًا عن الجد وأكثر من المدح واجتمعت به بعدها غير مرة ولما كنت بدمشق قبل اجتماعي به رقأبي إلى المدرسة السليمانية وأرسل إلى رؤس المرسوم الصادر باشارته وأبقى ابن عمي أبا طاهر عبد الله بن طاهر المرادي في منصب فنودي دمشق وكتب له به كتابًا وأرسله إليه تمرض وأنا بقسطنطينية واشتد به المرض ولا زال يكثر حتى قرب من الموت وهو في هذه الحالة لم يعزله السلطان عن المشيخة ورسم له أن يجعل حتمًا للفتأوي يكتب الجواب كاتب الفتوى وهو

1 / 228