وزرته في داره وسمعت من فوائده وصحبته وأخبرني أنه أدرك الجد الكبير الاستاذ فخر الدين محمد مراد بن علي البخاري الحنفي واجتمع به وبغيره من العلماء والأولياء والسادات والأدباء والأفاضل وأخذ عنهم وصحبهم وقرأ عليهم في الأقطار العربية وغيرها كالشيخ المحدث أبي عبد الرحمن محمد بن علي الكامل الشافعي الدمشقي والإمام الكبير أبي المواهب محمد بن عبد الباقي مفتي الحنابلة بدمشق والاستاذ العارف ضياء الدين عبد الغني بن إسماعيل الحنفي الدمشقي النابلسي وغيرهم وكان يعرف أحوال الدهر وأمور السياسة وله دربة وسعة عقل في نظام الملك والدولة خبير بأحوال الناس بصير بالأمور وعواقبها ملازم العبادة والطاعة حسن الخلق لطيف المعاشرة توفي وهو مفتي الدولة يوم الاثنين سابع عشر جمادى الثانية سنة سبع وتسعين ومائة وألف وصلى عليه في جامع السلطان أبي الفتح محمد خان وحضر الصلاة عليه العلماء والقضاة والرؤساء ودفن بالقرب من جامع السلطان سليم خان داخل قسطنطينية وكنت سنة تسعين ومائة وألف لما ولي قضاء عسكر روم ايلي المرة الأولى كتبت إليه أمدحه من دمشق بهذه القصيدة وهي من شعر الصبا
سقاها ربوعا هاطل المزن يحييها ... معاهد أنس قد تعفت مغانيها
ولا زالت الأنواء تخصب حيها ... بجود على كر الدهور يحييها
بها قد تقضى لي عهود مودة ... نشأت بمغناها ولست بناسيها
بها كنت مغبوط المقيل منعما ... وأمرح في النادي بظل مجانيها
ورب ليال قد تقضت بسرعة ... كطيف خيال قد مضى في دياجيها
بحيث الصفا راح وافراحنا له ... كؤس وندماني الغوالي غوانيها
غوان إذا ما الليل وافي كانما ... مكاني سماءهن فيه دراريها
غوان نضت الحاظها لي أسهما ... أريشت من الأهداب سبحان باريها
ألا ليت شعري هل أفوزن باللقا ... وهل لي بوادي الروم خود الاقيها
بلاد بها فرش الرياض جواهر ... ومسك فتيق فائح ترب ناديها
تيسر معسورًا وتولى مكارما ... وتجبر مكسورًا وتسعد من فيها
وإني وإن شطت فشوقي مضاعف ... إليها وجل القصد تمداح حاميها
امام همام واحد صدر وقته ... وكهف ذوي الحاجات ركن مواليها
هو العالم النحرير والسند الذي ... ذرى شرف العلياء بالفضل راقيها
هو الجهبذ النقاد والحبر من غدا ... أحاديث مجد بالتسلسل يرويها
1 / 13