وأما الفقيه الإمام شمس الملة المحمدية، وتاج العصابة الزيدية علي بن عبد الله بن أبي الخير(1) رحمه الله تعالى(2): فهو سلطان العلماء الأبرار، وملاذ علماء الأمصار، لم يبلغ أحد في وقته ما بلغ، ولا انتهى إلى ما انتهى، جمع الفضائل عن يد، وحاز الكمال وانفرد، لم يبلغ الحلم حتى قد صار عالما محلقا مصنفا، نقل كتاب: (شرح الأصول)(3) غيبا وقرأه شرفا ونصف شرف، وبلغ الحلم هكذا (روي ليرحمه الله تعالى)(4) ولم يبلغ إلى عشرين سنة إلا وقد صار مجتهدا في العلوم في أصولها وفروعها وجليها وغامضها، وله رحمه الله تعالى(5) في كل فن تصنيف (وموضع)(6) في الأصولين والفروع والرد على المجبرة والفرق الإسلامية والملاحدة وعلوم المعاملة والزهد، وحكايات الصوفية المحمودة منها والمذمومة إلى زهاء خمسة وأربعين موضوعا، ومن طلبها وجدها، واستضاء بنورها، واستصبح في ديجور جهله بضيائها إن شاء الله تعالى، فلما بلغ من العلوم المنتهى، وفاز منها بالقدح المعلا، جاءه مخاطب التوفيق والارتقاء إلى سنام التحقيق، العلم يهتف بالعمل، فإن أجابه وإلا ارتحل، عكف على كتب أهل التقوى واليقين واظب عليها عدة من السنين، وراض نفسه رياضة يعجز عنها من عرفها وسمع بها، ودقق فيها وحقق، (وصنف فيها وراق وأشرق) (7) ، فهو إمام أهل الشريعة، وشيخ أهل الطريقة، وأستاذ أهل الحقيقة.
صفحه ۲۱۰