المصابيح. فوقفوا حيارى لا يستطيعون المرور. فضرب بينهم وبين أهل الإيمان بسور له باب. ولكن قد حيل بين القوم وبين المفاتيح. باطنه- الذي يلي المؤمنين- فيه الرحمة، وما يليهم من قبلهم العذاب والنقمة. ينادون من تقدّمهم من وفد الإيمان، ومشاعل الركب تلوح على بُعدٍ كالنجوم تبدو لناظر الإنسان: ﴿انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ﴾ [الحديد: ١٣] لنتمكن في هذا المضيق من العبور. فقد طفئت أنوارنا. ولا جواز اليوم إلا بمصباح من النور ﴿قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا﴾ [الحديد: ١٣] حيث قسمت الأنوار. فهيهات الوقوف لأحد في مثل هذا المضمار! كيف نلتمس الوقوف في هذا المضيق؟ فهل يلوي اليوم أحد على أحد في هذا الطريق؟ وهل يلتفت اليوم رفيق إلى رفيق؟ فذكروهم باجتماعهم معهم وصحبتهم لهم في هذه الدار، كما يذكر الغريب صاحب الوطن بصحبته له في الأسفار ﴿أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ﴾ [الحديد: ١٤] نصوم كما تصومون، ونصلي كما تصلوّن، ونقرأ كما تقرأون، ونتصدق كما تصدقون. ونحج كما تحجون؟ فما الذي فرق بيننا اليوم حتى انفردتم دوننا بالمرور؟ قالوا بلى ولكنكم كانت ظواهركم معنا وبواطنكم مع كل ملحد، وكل ظلوم كفور ﴿وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ - فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾ [الحديد: ١٤ - ١٥]
1 / 19