بذلك الجميل عن أذاء الناس فلم يكن بالمرتفع. ومن شعراء صنعاء بل من باديتها عبد الخالق بن أبي الطلح الشهابي وكان مطبوعا مفوّها مفلقًا وقد أثبتنا قصائد من شعره في الكتاب الأول من الإكليل مع أخبار بني شهاب. ومن شعراء صنعاء نفسها إبراهيم ابن الجدوية وقد ذكرنا شيئًا من شعره في كتاب الإكليل وكان مطبوعًا في الشعر وكان في الرجز أبرع وكان ربما يشابه في بعض مذهبه الكميت في مثل كلمته في العلوي الناصر:
ناصر الدين لم تزل منصورا ... شكر الله سعيك المشكورا
وله في أبي الحسين الرسي مرثية وهي:
وهت عضد الإسلام واندقَّ كاهله ... وغالت بينه في الأنام غوائله
وكان يستغرق أكثر شعره هجاء السوقة والسقاط ومن احسن شعره كلمته في أسعد بن أبي يعفر وأولها:
يا طائرين أخال البين فارتفعا ... أن النوى قد قضت أوطارها فقعا
ولم يزل فيها من كتبة الديوان بلغاء غير مولدي الكلام ولا مستخفي المعاني ومعبدي الاستعارات مثل بني أبي رجا وغيرهم. وكان بشر ابن أبي كبار البلوي من أبلغ الناس وكانت بلاغته تتهادى في البلاد وكان له فيها مأخذ لم يسبقه إليه أحد ولم يلحقه فيه، وتعجب بلاغته ونفاستها وأنه فيها أوحد وأنه لا يشابه بلاغته البلغاء وإنه منفرد بحسن اختلاس القرآن اثبتنا منها عشر رسائل ليستدل بها على ما وراءها واقل الأثر دليل على قدر المؤثر. كتب بشر إلى إبراهيم بن عبد الله الحجبيّ وإلى صنعاء لهرون الرشيد - وكان قدم صنعاء سنة اثنتين وثمانين ومئة فأقام بها سنة وشهرًا ثم صرف - في بغي هشام الأبناوي عليه وكان قد عزم على أن يولي بشرًا بعض نواحي اليمن فكسر غلَّته هشام بن يوسف: أما بعد فإن رآى الأمير أمتع الله به أن لا يعلم هشامًا ما يريد من صلتي فإنه لم يردني وآلي قط بخير ولم يفتح لي باب صلة فتكون منه خالصة لا
1 / 58