يلي الجنوب والدبّور فإلى ما قارب شرق الثغور الشآمية، وتسمى هذه البلاد باليونانية بيوتونية وفروجية وقبادوقية ولودية وقيليقية أي قالى قلا وجانب سورية وتدمر، ويقبل أيضًا مشاكلة المثلث المنسوب إلى ما بين الجنوب والدبور وهو مثلث السرطان والعقرب والسمكة، ويشترك في تدبير المريخ والزهرة وعطارد أيضًا لاشتراكه ووقوع حصته في الوسط، ولذلك صار أهل هذه البلاد في أكثر الأمر يعظمون الزهرة، ويسمونها بأسماء كثيرة مختلفة في كل اسم، ويسمون المريخ أدونيس وبأسماء أُخر، ويتعبدون له، وينسبون إلى هذين الكوكبين أسرارًا يذهبون فيها مذهب النياحة، وهم أشقياء أذلة الأنفس، مكدودون مائلون إلى الشر والخساسة ويأخذون الأجرة على الخروج في العساكر والحرب والنهب والسبي، ويصيرون في عداد العبيد ويملكون في الحرب من قبل أن حال المريخ والزهرة الحال الشرقية التي يلائمها، وهم أهل غش وخيانة وسرف وبذالة وشرب وسكر، ومن أجل أن شرف المريخ في الجدي وهو تثليث الزهرة وشرفها في الحوت وهو تثليث المريخ اشتدت نصيحة نسائهم لأزواجهن ومحبتهن لهم مكدودات متعوبات خاضعات، فمن كان من هؤلاء في بلاد بتونية وفروجية فإنهم يشاكلون خاصة السرطان والقمر، ولذلك صار رجالهم في أكثر الأمر أصحاب تقى وخضوع، وصار في أكثر نسائهم بسبب تشريق القمر وتذكيره شكله - يريد أنه ولي بلدًا من حيز المشرق وهو مغربي فانطلق طباعه هنالك - رجلة وترؤس ومحاربة بمنزلة النساء اللواتي يرهبن ويهربن من مجامعة الرجال، وهن محبات للسلاح مقطعات للثدي اليمنى من أجل حاجتهن إلى الخروج في العساكر، ويكشفن هذه الأعضاء عند المصافة في الحرب لينفين عنهن أن يظن بهن أن طبائعهن طبائع النساء، وأما ناحية سورية من شرقها وفنقولية وقبادوقية وتدمر فيشاكلون العقرب والمريخ، فلذلك صار أكثرهم متهورين في الدين، سفهاء أهل جرأة وغش وخبث وكثرة شهوات ومصالاة تعب. وأما بلاد
1 / 39