صلى الله عليه وسلم
نساءه.
ثم تحرى عمر الخبر من رسول الله، فعلم أن الأمر دون ذلك، وأن رسول الله إنما أقسم ليهجرهن شهرا. فما لبث أن استأذنه - عليه السلام - ليبادر إلى المسلمين المجتمعين بالمسجد فينقل إليهم حقيقة النبأ، ويذهب عنهم ما خامرهم من الأسى لما بلغهم من طلاق نسائه.
ولا ريب أن نساء النبي أنفسهن كانت بينهن للنبأ رجة أشد عليهن من هذه الرجة، وكان لهذه العقوبة التي لم يعاقبهن بمثلها من قبل أثر في قلوبهن أبلغ من هذا الأثر.
فلما انقضت الأيام التي أوعدن بها بدأ بالسيدة عائشة فدخل عليها وهي أشوق ما تكون إلى لقائه، فماذا سمع منها أول ما سمع؟
قالت: يا رسول الله، أقسمت أن لن تدخل علينا شهرا، وقد دخلت وقد مضى تسعة وعشرون يوما!
فقال عليه السلام: إن الشهر تسعة وعشرون.
أتراها كانت تنتظر استيفاء الثلاثين، ولا تقنع بالهجر تسعة وعشرين يوما؟
كلا، فقد عدتهن يوما يوما، وعلمت ساعة دخول النبي كم مضى وكم بقي على ظنها من أيام العقوبة، ولكنها الأنثى الخالدة كما أسلفنا، ولا بد للأنثى الخالدة في هذا الموقف من مكاتمة، ولا بد لها من دلال. •••
وما من سمة الأنوثة الخالدة غير هذه السمات إلا وجدت السيدة عائشة وقد صدقت فطرتها فيه، وإن كانت لتروض نفسها تلك الرياضة العالية التي تجمل بزوجة محمد وبنت الصديق وأم المؤمنين.
صفحه نامشخص