نحن إذا فهمنا النبي نبيا وكفى فإنما وصلنا بين ضميره وضمائرنا، وبين محراب العبادة عنده ومحراب العبادة عندنا.
ونحن إذا فهمنا البطل بطلا وكفى فإنما وصلنا بين قدرته وقدرتنا، وبين ضخامته بالقياس إلينا وضآلتنا بالقياس إليه.
ونحن إذا فهمنا الرئيس رئيسا وكفى فإنما وصلنا بين مركزه في الأمة ومركزنا، وبين الحقوق التي له والواجبات التي عليه، والحقوق التي لنا والواجبات التي علينا.
ولكننا إذا فهمنا النبي إنسانا فقد فهمناه كله، وفهمناه على حقيقته التي تعنينا، وتعقد له أواصر القرابة فيما بينه وبيننا؛ لأننا وصلنا بين الإنسان فيه والإنسان فينا.
وكذلك البطل، وكذلك الرئيس، وكذلك كل ذي شأن يستحق البحث فيه.
هم غرباء حتى يقال: هذا هو الإنسان! فإذا هم الأقربون الذين ترضينا عظمتهم؛ لأنهم منا ونحن منهم، ولأنهم خالدون خلود الإنسان من وراء الأقوام والأزمان.
والسيدة عائشة - رضي الله عنها - مثل من أمثلة الأنوثة الخالدة في جميع أقوامها وجميع عصورها.
فضلها في الكتابة عنها أنها كتابة عن تلك الأنوثة التي نلمحها حولنا ونلمحها من قبلنا في كل أنثى.
وأنها ترينا النبي في بيته فترينا الرجل الذي ارتفع بالنبوة إلى عليا مراتب الإنسانية، ولكنه مع هذا هو الرجل في بيته كما يكون الرجال بين النساء على سنة الفطرة المعهودة من آدم وحواء.
وفضلها على الجملة أنك تقرأ من أخبارها ما تقرأ فلا تزال تقول بعد كل خبر ترويه أو يرويه غيرها: أجل، هذه هي الأنثى الخالدة في كل سمة من سماتها.
صفحه نامشخص