6-الحياء: استشعاره التقصير في العبادة وعلمه بالعجز عن القيام بعظيم حق الله تعالى، ويقوي ذلك بالمعرفة بعيوب النفس وآفاتها وقلة إخلاصها وميلها إلى الحظ العاجل في جميع أفعالها، والعلم بأن الله مطلع على السريرة وخطرات القلب وإن دقت وخفيت، وهذه المعارف إذا حصلت يقينا انبعثت منها بالضرورة حالة تسمى الحياء.
فهذه أسباب هذه الصفات، فكل ما طلب تحصيله فعلاجه إحضار سببه، ففي معرفة السبب معرفة العلاج
ورابطة جميع هذه الأسباب الإيمان واليقين، ومعنى كونها يقينا انتفاء الشك واستيلاؤها على القلب
ثالثا: العلاج في اكتساب هذه المعاني ( بيان الدواء النافع في حضور القلب )
المؤمن لابد أن يكون معظما لله - عز وجل - وخائفا منه وراجيا، وسبب انفكاكه في الصلاة عن هذه الأحوال هو تفرق الفكر وتقسم الخاطر وغيبة القلب عن المناجاة والغفلة عن الصلاة.
والخواطر الواردة الشاغلة تلهي عن الصلاة؛ فالدواء في إحضار القلب هو دفع تلك الخواطر، ولا يدفع الشيء إلا بدفع سببه؛ وسبب موارد الخواطر إما أن يكون أمرا خارجا أو أمرا في ذاته باطنا:
أما الخارج: فما يقرع السمع أو يظهر للبصر، فإن ذلك قد يختطف الهم حتى يتبعه ويتصرف فيه، ثم تنجر منه الفكرة إلى غيره ويتسلسل فيكون الإبصار سببا للأفكار ثم تصير بعض تلك الأفكار سببا للبعض؛ وعلاجه قطع هذه الأسباب بأن يقصر نظره في موضع سجوده أو على طرف أنفه، وأن يقرب من غض البصر حتى لا يتحقق النظر أو يصلي في بيت مظلم أو لا يترك بين يديه ما يشغل حسه، وأن يقرب من حائط عند صلاته حتى لا تتسع مسافة بصره، ويحترز من الصلاة على الشوارع والطرق وفي المواضع المنقوشة المصبوغة.
صفحه ۴