شهداء التعصب
شهداء التعصب: رواية تاريخية وقعت أكثر حوادثها في فرنسا على عهد فرنسوا الثاني ملك فرنسا المتوفى سنة ١٥٦٠م
ژانرها
أجاب: لا أدري، ولكن هل تذكر يا أخي كيف كانت تلمع عيناها فرحا يوم كانت تهوى شارتر اللعين، وأي اضطراب كان في صوتها؟ فقد لاحظتها اليوم يا فرنسوا ، فهي عاشقة، وعاشقة غيري.
فأجابه الدوق: إذن سوف نقتل عشيقها الجديد؛ إذ لا بد من أن تكون لك وحدك دون سواك.
ثم إن الدوق ذهب فتفقد مواقف الجند والحراس الذين أقامهم على حراسة الملك بعد حادثة أمبواز، وفيما هو عائد إلى مخدعه لفت بصره رجلان رآهما كأنهما يتخاصمان عند القصر فدنا واختبأ وراء شجرة وأنصت إليهما. فقال أحدهما: ألا تأتي معي؟ فأجابه الآخر: دعني، دعني أنظر إلى النافذة. قال: ألا تأتي، ألا تنتهي من هذا الجنون؟ أم تروم مني أن أتخذ السماء غطاء والثرى وطاء.
وتظاهر المتكلم بأنه يتمدد على الثرى، فأجابه رفيقه: صبرا، فإنها اقتربت إلى نافذتها وفتحتها، وتميزت وجهها، وقد أشرق عليه ضياء الكواكب.
وكان الدوق يرقب الحركات ويسمع الحديث. فلما رأى الشاب يمد يده إلى النافذة، رفع بصره فعرف نافذة الملكة. فقال في نفسه: إن أخي على صواب، وهذا الشاب حسن المنظر. إلا أنه - من سوء حظه - لم يستطع أن يرى وجهه؛ لأنه كان محجوبا بردائه. فلما سار مع صديقه حاول اللحاق به، إلا أن الشابين اختفيا في زقاق ضيق، فرأى من الحكمة أن يرجع عنهما.
الفصل الثامن عشر
مجلس الأعيان
في اليوم العشرين من شهر أغسطس (آب) سنة 1560 اجتمع أعضاء مجلس الأعيان من أطراف البلاد الفرنساوية، وسائر أنحائها في قصر فونتنبلو، وكان معظمهم وقوفا، وأقبل مونمورانسي في مقدمة جمهور غفير من رجاله، وكان الملك ينتظره مع الملكتين في حجرته. فمثل بحضرته، وقال: لقد جئت أيها الملك صادعا بأمرك. فأجابه: لقد سرني أن أراك بيننا؛ لأنك تفارقنا كثيرا؛ ولأننا في حاجة إلى آرائك، ولكن لا أدري لماذا يقل وجودك معنا؟ فهل تحسب نفسك آتيا إلى بلاط عدو؟ إن حرسك الكثير يعدل حرسي أنا.
فأجابه: إن رجالي أيها الملك رجالك، وكلهم مخلص صادق يتمنى الدفاع عنك والموت لأجلك.
قال: لعلنا نحتاج إليهم، فإن أعداءنا وقحاء يزداد اجتراؤهم علينا كل يوم، والآن هيا بنا إلى المجلس!
صفحه نامشخص