شهداء التعصب
شهداء التعصب: رواية تاريخية وقعت أكثر حوادثها في فرنسا على عهد فرنسوا الثاني ملك فرنسا المتوفى سنة ١٥٦٠م
ژانرها
وبعد صمت قصير المدة، قال الأمير لجاليو: ما رأيك في مهمة تذهب بها إلى البلاط؟ فصاح جاليو: إني للمهمات يا مولاي، فإن شئت سافرت الليلة! قال: وأنت يا دي مزغونة؟ أجاب: أرجو أن تأذن لي فأصحب صديقي. قال: لقد تبين لي أن جمال هذه البلاد لم يؤثر فيكما، إذن تسافران غدا.
فأظلم وجه برنابا، إلا أنه لم يجسر على اعتراض. فقال الأمير: إلا أنكما أجزلتما الولاء لبرداليان وعاملتماه بكرم الخلق، ولا بد من أن تجتمعا به هنالك، فأجاب جاليو: ليتنا نستأنف القتال معه. فضحك الأمير، وقال: لست أرتاب في ميلكما إلى مبارزته ، ولكنني أود أن أعرضكما لغيره، فاسمع يا جاليو. إن الملكة الوالدة قد أخذت تشعر بضعف العزيمة، والعجز عن مقاومة آل جيز وحدها، وفي الرسالة التي وصلت إلي منها على يدك تعدني بالمساعدة لدى الملك إذا رضيت بالرجوع إلى البلاط.
وفيما كنت أفكر في السفر بعثوا إلي بالماريشال سنت أندريه جاسوسا يرصد حركاتي وسكناتي فرابني أمرهم، ومعلوم أن مجلس الأعيان يجتمع قريبا في فونتنبلو، ولكنني قبل أن أذهب إلى هذا الاجتماع أردت الاطلاع على ما ينويه البروتستانتيون أهل البلاد الشمالية، فأرسلت إليهم رسولي لاساج فذهب فأوصل الرسالة، ولما عاد بالأجوبة تمكن فيلار الملازم عند آل جيز من القبض عليه، وأطلع الدوق دي جيز وأخوه على الرسائل التي كتبها إلي أشراف البلاد الشمالية، وكان بينها كتاب من قائد الجيوش هناك يعرض به علي مساعدته، وكذلك كان بينها كتاب من الفيكونت شارتر ليس عليه توقيع غير حروف متفرقة، ولم يكن في الإمكان معرفة التوقيع لولا أن المسكين عندما كانت تهواه كاترين قبلا كان قد كتب إليها أبياتا لطيفة ما برحت تضعها بين صفحات كتاب صغير للصلاة تحمله كل يوم. فلما قابل آل جيز بين الخطين تحققوا أن صاحب الكتاب هو الفيكونت شارتر، وفي ذلك الكتاب يقول الفيكونت شارتر: «إني مخلص لك أخدمك جهدي وأنصرك على كل مخلوق ما عدا الملك والملكة الوالدة وأبناء البيت المالك في فرنسا» فقبض آل جيز على الفيكونت شارتر، وطرحوه في قلعة الباستيل، وقد أمرت كاترين على أثر ذلك بأن يمكن السجين من استنشاق الهواء النقي في فناء القلعة. فعليكما أن تسافرا غدا إلى باريس، وتحاولا إنقاذ ذلك الرجل الكريم الذي عقد أعداؤنا نياتهم على إهلاكه.
قال جاليو: ثم ماذا يا سيدي؟
أجاب الأمير: ثم تنتظرانني في ضواحي البلاط، وتنبئان كاترين بقرب وصولي.
ولقد فرح الصديقان بهذه السفرة، أما برنابا فكان لا يفتأ يذكر النعيم الذي فارقه، ويقول: لقد كنا بخير وسلام في غاسقونيا.
فلما وصلوا إلى باريس نزلوا عند نيكول بوصه، ولما رأى برنابا وجه نيكول العريض والمائدة الفاخرة التي أعدها نسي أحزانه، فأكل برنابا حتى امتلأ جوفه، فقال له نيكول: إلى أي جهة أميل يا ترى؟ إلى جهة الأمير أم إلى جهة آل جيز؟
فأجابه برنابا: إلى جهة النقود يا صديقي. •••
ولما أمسى المساء خرج جاليو مع ترولوس قاصدين إلى ناحية الباستيل فاقتربا من القلعة. فقال ترولوس لصديقه: قد يكون هلاكنا في هذه المهمة التي نباشرها الآن، وقبل العمل أود منك أن تطلعني على سر.
أجاب: تكلم يا صديقي فليس لي سر أكتمه عنك.
صفحه نامشخص