شهداء التعصب
شهداء التعصب: رواية تاريخية وقعت أكثر حوادثها في فرنسا على عهد فرنسوا الثاني ملك فرنسا المتوفى سنة ١٥٦٠م
ژانرها
فقال مونمورانسي: أما أنا فلا أجيد كتابة شيء.
وقال الدوق: هنا ثلاثة أختام لمونمورانسي، وسن أندري، ودي جيز، قد اصطنعها أخي الكردينال، ولكن ما لنا ولها فنحن أشراف والقسم يكفي بيننا. ثم جرد سيفه ووضعه على المكتب، وقال: إنا نقسم بأسيافنا على أننا نتحد ضد الملكة كاترين، ونتعاون عليها تعاون صدق وأمانة في كل عمل نباشره. فجرد سن أندره ومونمورانسي سيفيهما، وقالا: إنا نقسم على ذلك.
الفصل السادس والعشرون
جاليو
في أوائل سنة 1662 كانت كاترين ظافرة بخصومها. فذهب مونمورانسي إلى شانتيلي، وبقي الماريشال سن أندره في باريس، أما آل جيز فارتحلوا عن البلاط، وقالوا إنهم يفضلون الابتعاد عنه ما دامت كلمة النافار أعلى من كلمتهم، وما دامت الملكة قد انتزعت السلطة من أيديهم، وسلمتها إلى ملك النافار والأميرال دي كوليني وغيرهما، ولما رأت كاترين أنها لا يستتب لها الملك إلا بالانضمام إلى حزب أو طائفة، عمدت إلى كبار أبناء طائفة البروتستانت فاتخذت قوتهم سندا لها ليدافعوا عنها وقت حلول الاضطرابات، وكاترين هي التي ذبحتهم بعد ذلك ذبح الأغنام كما سترى، ولقد أحسنت معاملتهم وقتئذ وبوأتهم صدور المجالس.
ومن سوء حظ الملكة الوالدة أن سياستها لم تخل من موضع وهن ونقطة ضعف، فإنها قبضت على السلطة، وأشركت فيها ملك النافار وهي غيرى منه، ولما آنس هذا الملك شيئا من القوة ندم على تخليه قبلا عن الوصاية وهي حق شرعي له، وكان يزعجه تحكم الملكة وأعوانها، ومعظمهم بروتستانتيون. فهمس الهامسون في أذنه يقولون له: إن السلطة بين يدي غلام. فإن الأخ البكر قد مات لضعف دمه، وربما كان أخواه مثله لاحقين به، ويومئذ من يكون الوارث غيرك؟ أنت أول أمير من الدم الملكي، غير أن فرنسا لا تطيق أن يجلس على عرشها رجل بروتستانتي، وهكذا تضمحل خلافة آل فالوي، وتبدل بغيرها، والله أعلم بمن.
ثم كانوا يهمسون في أذنه كلمات عن ماري ستوارت، وهم يعلمون أن لجمالها وقعا عنده، فحسنوا له الاقتران بها قبل أن تقترن بغيره، هذا إذا اعتنق المذهب الكاثوليكي علانية، وماري ستوارت ملكة اسكتلندا، ولا يبعد أن تغدو ملكة إنكلترة.
إلا أن ملك النافار ظل مترددا إلى أن قرأ يوما إعلانا كأنه صادر من البروتستانتيين (وقد ظهر تزويره نكاية بهم) وهم يهزءون به، ويتغزلون فيه بجمال ماري ستوارت. فهمهم ودمدم، وقال: سوف يرى البروتستانتيون الملاعين كيف أغيظهم وأسحقهم.
ولما عاد عند المساء إلى فونتنبلو أعلن للجميع أنه اعتنق المذهب الكاثوليكي وطلب من زوجته الاقتداء به. فرفضت وامتنعت، فأمرها بالسفر إلى غاسقونيا. وأما كاترين فأثر فيها النبأ، وفكرت في التدابير التي تتخذها لمعارضة أماني ابن عمها.
ولما انعقد مجلس الحكام طرحت أمامه مسألة محاسنة البروتستانتيين وإمتاعهم بالحقوق العادلة التي يطلبونها، وهذه مسألة كانت منبوذة في عهد فرنسوا الثاني، فطلبت إصدار براءة بها.
صفحه نامشخص