شهداء التعصب
شهداء التعصب: رواية تاريخية وقعت أكثر حوادثها في فرنسا على عهد فرنسوا الثاني ملك فرنسا المتوفى سنة ١٥٦٠م
ژانرها
ونزل جاليو في فندق صغير في زقاق مظلم قرب نهر اللوار، ثم أخذ يطوف في المدينة، وأول نبأ وصل إليه هو أن الله أراد الانتقام لسكان تلك المدينة من حاكمها، فسلط عليه منذ يومين داء النقرس فبات يصرخ من شدة الألم، وخطر لجاليو أن ينظم أبياتا بهذا المعنى، وفي اليوم التالي قرأ سكان المدينة أبياتا مكتوبة على ورقة ملصقة على باب بيت الحاكم، ولا بأس من ترجمتها للقراء، قال فيها:
يا من يمر! أتدري لمن هذا القبر، وما حوى من المخازي؟ فهو قبر رجل لا أمنية له من دنياه إلا أن يكون جلادا لعباد الله. أنفق العمر ولم يأت حسنة، ولذلك رأى الله أن يعاقبه؛ لأنه تعالى لم يطق فظاظته، فرماه بداء النقرس ليكون عبرة لكل من يمر بهذا المكان.
واستمر جاليو يتفقد شئون الناس حتى وصل إلى بيت يحوط به الجند من كل ناحية، وهو مسور بالحديد، فقال لأحد الجنود: ما هذا البيت المشئوم؟ وهل يقيم فيه أحد؟ فأجابه الجندي: كلا. قال: لعله لأحد أبناء المذهب الجديد اللعين؟ أجاب: بلا شك.
فأخذ جاليو يضحك، ثم ضرب بيده كتف الجندي، وقال: ما أظن الأمير يواصل السير إلى هنا لو درى بهذا المنزل المعد لسكناه.
قال الجندي: صه! إني لأخشى أن يسمعنا أحد من أصدقاء الأمير.
قال جاليو: أصبت، فما كل الناس كاثوليكيين مثلنا!
ومضى وهو منكمش الصدر، وقد فهم المراد من قولهم في باريس أن سينفذ العدل في أورليان، وفيما كان مارا قرب الأسوار أبصر قلعة تحدق بها فرقة من حملة البنادق، وقسيسا ينظر إليها نظرة المتشفي، فقال له جاليو: ألا ما أنبأتني يا أبت عن البروتستانتي الذي يكابد عذاب هذا السجن؟
قال: ألا تعرف اسم هذه القلعة؟ فهو يغني عن الإيضاح.
قال جاليو: وما اسمها؟
أجاب القسيس: اسمها قلعة الأميرال، يا بني.
صفحه نامشخص