أحمد زكي أبو شادي
ضاحية المطرية ديسمبر 1932
إلمامة
فلسفة الشعر
من السهل كتابة مجلد حاشد بعشرات المسائل التي تشملها فلسفة الشعر؛
1
فإن الإسهاب في هذه الأبحاث أهون من الاقتضاب، وليس من الميسور أن يتناول المتأمل المدقق في فراغ ضيق محدود إلا نقطا يسيرة معدودة، وهذا ما أحاوله في هذه الكلمة الوجيزة.
الشعر في حقيقته لغة الشعور وتصويره، ولكنه ليس بلغة الشعور السطحي أي إنه يعبر عما وراء المظاهر الواقعية. وهو في جماله المستحب إنما يعبر بلغة الإنسانية في طفولتها، وبلغة الوجدان التي لا يسيطر عليها العقل. بيد أن العقل الإنساني في تطور عظيم وفي نضوج مستمر على حساب سواه من المواهب العصبية، ولذلك يواجه الشعر بتعاقب الأجيال خطر المنطق وسيطرته، ومحاولة الحقيقة العلمية أن تسود الحقيقة الشعرية.
ولغة الإنسانية في طفولتها متصلة بالأساطير والخرافات وبالتعاليل الساذجة وبالروعة من مظاهر الطبيعة وتفاعيلها، وهذه تكسب الشعر مسحة جميلة لأن كل هذه الأشياء متصلة بالشعور والعقيدة الدينية التي هي بمثابة عواطف مركزة، ونحن نقول الشعر بعواطفنا ويتصل فهمنا به عن سبيل العواطف، ولذلك نميل إلى نعت هذا النوع من الشعر «بالشعر الصافي».
ولغة الإنسانية في رجولتها النامية في هذا الزمن وفيما بعده هي لغة المنطق والذكاء والفلسفة العلمية والحكمة وما إليها؛ ولذلك لا نميل إلى اعتبار الشعر الذي تقدمه هذه اللغة إلينا شعرا صافيا ونراه بعيدا عن العواطف والوجدان.
صفحه نامشخص