ثم إنه كان مع علي في حروبه، وولاه مصر، فقتل بمصر: قتله شيعة عثمان لما كانوا يعلمون أنه كان من الخارجين عليه، وحرق في بطن حمار: قتله معاوية بن حديج(1). والرافضة تغلو في تعظيمه على عادتهم الفاسدة في أنهم يمدحون رجال الفتنة الذين قاموا على عثمان، ويبالغون في مدح من قاتل مع علي، حتى يفضلون محمد بن أبي بكر على أبيه أبي بكر(2) ، فيلعنون أفضل الأمة بعد نبيها(1)، ويمدحون ابنه الذي ليس له صحبة ولا سابقة ولا فضيلة، ويتناقضون في ذلك في تعظيم الإنسان، فإن كان الرجل لا يضره كفر أبيه أو فسقه لم يضر نبينا ولا إبراهيم ولا عليا كفر آبائهم، وإن ضره لزمهم أن يقدحوا في محمد بن أبي بكر بأبيه، وهم يعظمونه، وابنه القاسم بن محمد وابن ابنه عبد الرحمن بن القاسم خير عند المسلمين منه، ولا يذكرونهما بخير لكونهما ليسا من رجال الفتنة.
وأما قوله: "وعظم شأنه".
فإن أراد عظم نسبه، فالنسب لا حرمة له عندهم، لقدحهم في أبيه وأخته. وأما أهل السنة فإنهم يعظمون بالتقوى، لا بمجرد النسب. قال تعالى: { إن أكرمكم عند الله أتقاكم } [الحجرات: 13].
وإن أراد عظم شأنه لسابقته وهجرته ونصرته وجهاده، فهو ليس من الصحابة: لا من المهاجرين ولا الأنصار . وإن أراد بعظم شأنه أنه كان من أعلم الناس وأدينهم، فليس الأمر كذلك، وليس هو معدودا من أعيان العلماء والصالحين الذين في طبقته، وإن أراد بذلك شرفه في المنزلة لكونه كان له جاه ومنزلة ورياسة، فمعاوية كان أعظم جاها ورياسة ومنزلة منه، بل معاوية خير منه وأعلم وأدين وأحلم وأكرم، فإن معاوية رضي الله عنه روى الحديث وتكلم في الفقه. وقد روى أهل الحديث حديثه في الصحاح والمساند وغيرها(2)، وذكر بعض العلماء بعض فتاويه وأقضيته. وأما محمد بن أبي بكر فليس له ذكر في الكتب المعتمدة في الحديث والفقه.
وأما قوله: "وأخت محمد وأبوه أعظم من أخت معاوية وأبيها".
صفحه ۷۱