ومنهم من يقول: إن أبا بكر وعمر ليسا مدفونين عند النبي صلى الله عليه وسلم، ومنهم من يقول: إن رقية وأم كلثوم زوجتي عثمان ليستا بنتي النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن هما بنتا خديجة من غيره(1) . ولهم من المكابرات وجحد المعلومات بالضرورة أعظم مما لأولئك النواصب الذين قتلوا الحسين. وهذا مما يبين أنهم أكذب وأظلم وأجهل من قتلة الحسين.
وذلك أن من المعلوم أن كل واحدة من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يقال: "أم المؤمنين": عائشة وحفصة، وزينب بنت جحش، وأم سلمة، وسودة بنت زمعة، وميمونة بنت الحارث الهلالية، وجويرية بنت الحارث المصطلقية، وصفية بنت حيي بن أخطب الهارونية، رضي الله عنهن. وقد قال الله تعالى: { النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم } [الأحزاب: 6]، وهذا أمر معلوم للأمة علما عاما، وقد أجمع المسلمون على تحريم نكاح هؤلاء بعد موته على غيره، وعل وجوب احترامهن، فهن أمهات المؤمنين في الحرمة والتحريم، ولسن أمهات المؤمنين في المحرمية، فلا يجوز لغير أقاربهن الخلوة بهن، ولا السفر بهن، كما يخلو الرجل ويسافر بذوات محارمه.
ولهذا أمرن بالحجاب، فقال الله تعالى: { يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين } [الأحزاب: 59]، وقال تعالى: {وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا إن ذلكم كان عند الله عظيما} [الأحزاب: 53].
صفحه ۶۴