وأما أهل السنة فعندهم أنه ما بغت امرأة نبي قط، وأن ابن نوح كان ابنه، كما قال الله تعالى وهو أصدق القائلين: { ونادى نوح ابنه } [هود: 42]، وكما قال نوح: { يا بني اركب معنا } [هود: 42]، وقال: { إن ابني من أهلي } [هود: 45]، فالله ورسوله يقولان: إنه ابنه، وهؤلاء الكذابون المفترون المؤذون للأنبياء يقولون: إنه ليس ابنه. والله تعالى لم يقل: إنه ليس ابنك، ولكن قال: { إنه ليس من أهلك } [هود: 46].
وهو سبحانه وتعالى قال: { قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول } [هود: 40] ثم قال: { ومن آمن } [هود: 40] أي: واحمل من آمن، فلم يأمره بحمل أهله كلهم، بل استثنى من سبق عليه القول، ولم يكن نوح يعلم ذلك. فلذلك قال: {رب إن ابني من أهلي} ظانا أنه دخل في جملة من وعد بنجاتهم. ولهذا قال من قال من العلماء: إنه ليس من أهلك الذي وعدت بإنجائهم، وهو إن كان من الأهل نسبا فليس هو منهم دينا، والكفر قطع الموالاة بين المؤمنين والكافرين، كما نقول: إن أبا لهب ليس من آل محمد صلى الله عليه وسلم ولا من أهل بيته، وإن كان من أقاربه، فلا يدخل في قولنا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد".
وخيانة امرأة نوح لزوجها كانت في الدين، فإنها كانت تقول: إنه مجنون. وخيانة امرأة لوط أيضا كانت في الدين، فإنها كانت تدل قومها على الأضياف، وقومها كانوا يأتون الذكران، لم تكن معصيتهم الزنا بالنساء حتى يظن أنها أتت الفاحشة، بل كانت تعينهم على المعصية وترضى عملهم.
صفحه ۴۶