الموضوع ثابت من غير أن يبالى أنه لعارض يعرض له أو زيادة تنضاف (1) إليه ، يصير موضوعا قريبا للحالة التي فيها الحركة (2) أو لذاته. نعم الأشكال يشبه أن لا يكون حكمها حكم سائر الكيفيات فى وقوع الاستحالة فيها ، لأنها تكون دفعة ، وأما الكم (3) ففيه أيضا حركة وذلك على وجهين : أحدهما بزيادة مضافة فينمو (4) لها الموضوع ، أو نقصان نفع (5) بالتحلل فينقص له (6) الموضوع ، وصورته فى الأمرين باقية ، وهذا ما يسمى (7) ذبولا ونموا. وقد يكون لا بزيادة تزاد (8) عليه أو نقصان (9) ينقص منه ، بل بأن (10) يقبل الموضوع نفسه مقدارا (11) أكبر أو أصغر (12) بتخلخل أو تكاثف من غير انفصال فى أجزائه ، وهذا وإن كان يلزمه استحالة قوام وهى من الكيف فتلك (13) غير (14) ازدياده فى الكم أو نقصانه (15) فيه. ولأن هذه الحالة سلوك من قوة إلى فعل يسيرا يسيرا ، فهو كمال ما بالقوة ، فهو حركة.
لكنه قد يتشكك فيقال : إن الصغير والكبير ليسا بمتضادين ، والحركات كلها بين المتضادات. فنقول : أما أولا فلسنا نحن ممن يتشدد كل التشدد فى إيجاب كون الحركات كلها بين المتضادات لا غير ، بل إذا كانت أشياء متقابلة لا تجتمع معا ، وسلك الشيء من أحدهما إلى الآخر يسيرا يسيرا ، سمينا الشيء متحركا ، وإن كان لا تضاد هناك. على أن الصغير والكبير اللذين يتحرك فيما بينهما النامى والذابل ، ليسا الصغير والكبير الإضافى المطلق ، بل كأن الطبيعة (16) جعلت للأنواع الحيوانية والنباتية حدودا فى الصغير (17) وحدودا فى الكبير (18) لا يتعداهما (19) ويتحرك فيما بينهما ، فيكون العظيم هناك عظيما على الإطلاق ، لا يصير (20) صغيرا بالقياس إلى عظيم آخر فى ذلك النوع ، فكذلك (21) الصغير يكون صغيرا بالإطلاق. وإذا كان كذلك لم يبعد أن تشاكل المتضادات (22)، بل تكون متضادة. فإن قال قائل : إن النمو حركة فى المكان ، لأن المكان (23) يتبدل به (24)، فالجواب أنه ليس إذا قلنا : إن النمو حركة فى الكم فإن ذلك يمنع فيه أن تكون معه حركة فى المكان ، فإنه لا يمتنع أن يكون فى موضوع النمو تبدلان : تبدل كم ، وتبدل أين ، فتكون فيه حركتان معا. وأما مقولة المضاف ، فيشبه أن يكون جل الانتقال فيها (25) إنما هو (26) من حال إلى حال دفعة ، وإن اختلف (27) فى بعض المواضع ، فيكون التغير بالحقيقة وأولا
صفحه ۱۰۲